المبحث الثاني : حماية الحيازة عن طريق القضاء المستعجل
تعتبر الحيازة كما رأينا سابقا أنها حالة واقعية أو فعلية قد لا تستند إلى أي حق للحائز ، و مع ذلك فالمشرع كفل لها الحماية اللازمة سواء من الناحية الجزائية أو من الناحية المدنية ، و هذا لإعتبارين إثنين : أولهما يتعلق بالمصلحة الخاصة للحائز على أساس أن الحيازة قرينة على الحق ، كون الحائز غالبا ما يكون نفسه صاحب الحق ، وهي بالتالي ممارسة فعلية للحق ، فحرمانه من الحيازة يعني حرمانه من مزايا حقه (1) و هي وسيلة من وسائل إكتساب الملكية حتى في الحالات التي لا يستند فيها الحائز إلى حق .
أما الإعتبار الثاني فيتعلق بالمصلحة العامة ، لأن حماية الحيازة هي حماية للأمن و النظام العام في المجتمع فيعد إغتصاب الحقوق غير شرعي و لو تم ذلك من صاحبها لأن ذلك يعتبر من قبيل قضاء الإنسان لنفسه و الذي يترتب عنه الفوضى .
و إذا كان لهذه الحماية أن تكون دائمة للحق فتؤكده و تزيل الشك عنه و تنفيه بحكم يصدر يحوز حجية الشيء المقضي فيه ، و بفوات ميعاد الطعن يصبح حقيقة مؤكدة على وجه اليقين ، فلها أيضا أن تكون مؤقتة للحق غرضها الأساسي هو إضفاء حماية سريعة للحق أو المركز القانوني تتوقف عند حد الأوضاع الظاهرة دون بحث الموضوع و إصدار حكم على ضوء الظاهر دون تأخير تضيع معه الفائدة المرجوة من هذه الحماية (2) .
و من هنا حرص المشرع على مساعدة الحائز في الحصول على حكم يواجه به التعدي على حيازته و ذلك بإجراءات سريعة مبسطة فأوكل مهمة الحماية المؤقتة للحيازة للقضاء المستعجل على أساس أنه الجهة التي تنظر في القضايا المستعجلة و التي لا تحتمل أي بطء خشية تلفها أو ضياع معالم وقائعها و فوات الفرصة المبنية عليها (3) ، فهو يهدف إلى درء الخطر الحقيقي المحدق بالحق المراد المحافظة عليه ، و هو ما نصت عليه المادة 183 من قانون الإجراءات المدنية بقولها : " في جميع أحوال الإستعجال أو عندما يقتضي البت في تدبير الحراسة القضائية أو أي تدبير تحفظي لا تسري عليه نصوص خاصة ، فإن الطلب يرفع بعريضة إلى رئيس الجهة القضائية للدرجة الأولى المختصة بموضوع الدعوى..."
و قد أخضع المشرع تدخل القضاء الإستعجالي في حماية الحيازة للقواعد العامة التي تدخل ضمن إختصاصه الذي ينعقد بمجرد إيداع الحائز لعريضته الإفتتاحية لدى قلم كتاب المحكمة بالقسم الإستعجالي ، و ينتهي بمجرد إصدار الأمر الفاصل في النزاع ، و هذه الحماية لا تستند إلا لدعاوى الحيازة العقارية الإستعجالية على أساس أن العقار وحده محل الحماية القضائية المدنية ، لأن قاعدة الحيازة في المنقول تعتبر
ـــــــــــــــــــــ
(1) بوبشيرمحند أمقران ، المرجع السابق، ص 91
(2) د. سنية احمد يوسف ، حماية الحيازة بين النيابة العامة و القضاء المستعجل ، دار الجامعة الجديدة للنشر ،2001 ، الإسكندرية ،ص 39.
(3) مقال لرئيس مجلس قضاء سيدي بلعباس ، القضاء الاستعجالي ، الندوة الوطنية للقضاء الاستعجالي ، 1995 ، الديوان الوطني للأشغال التربوية،
ص29.
سند الملكية ، و هو ما نصت عليه المادة 835 من القانون المدني بقولها: " من حاز بسند صحيح منقولا أو حقا عينيا على المنقول أو سندا لحامله فإنه يصبح مالكا له إذا كان حسن النية وقت حيازته..."، فهذه القاعدة اذن تجعل دعوى الحيازة في المنقول تختلط بدعوى الحق (1) .
و الإشكاليات التي تطرح في هذا الصدد هي :
- ما هو مجال أو نطاق تدخل هذه الجهة القضائية في حماية الحيازة ؟
- هل أنها تختص بجميع دعاوى الحيازة ، أم لا ؟
- ما هي الإجراءات التي تمكن الحائز من طلب الحماية لحقه في الحيازة ؟
- ما هو موقف القضاء المستعجل من هذا الطلب ؟
للإجابة على جميع هذه التساؤلات سنتناول هذا المبحث في مطلبين : يتناول الأول نطاق إختصاص القضاء المستعجل في حماية الحيازة من خلال الدعاوى التي ينظرها و مدى تقيده بقاعدة عدم الجمع بين دعوى الحيازة و دعوى الملكية ، فيما يتناول المطلب الثاني قواعد تلك الحماية من خلال إجراءات رفـع الدعـوى و طبيعة الحكم و حجيته.
المطلب الأول : نطاق إختصاص القضاء المستعجل في حماية الحيازة
تخضع الحيازة من حيث حمايتها إلى ثلاث دعاوى قضائية تتمثل في : دعوى وقف الأعمال الجديدة ، دعوى إسترداد الحيازة ، دعوى منع التعرض ، و قد وردت جميع هذه الدعاوى في المواد من 817 إلى 821 من القانون المدني ، و المواد من 413 إلى 419 من قانون الإجراءات المدنية .
فهي تخضع لنصوص القانون المدني فيما يتعلق شروط قبولها و ما يترتب على رفعها من آثار كطلب قضائي ، و تخضع لقانون الإجراءات المدنية فيما يخص إجراءات التقاضي.
و رغم أن هذه الدعاوى الثلاث هي دعاوى ذات طابع موضوعي ، تدخل في إختصاص محكمة الموضوع التي لها أن تبحث في صفة واضع اليد و عناصر الحيازة و شروطها (2) ، مما يتطلب إثباتها بجميع طرق الإثبات المختلفة ، و لذا فهي تخرج عن إختصاص القضاء المستعجل (3) لما ينطوي عليه الفصل فيها من مساس بأصل الحق .
إلا أنه لما كان الحق في حماية الحيازة من الحقوق التي تتعرض للإعتداء و يتهددها الخطر ، فإنه يجوز لمن يدعي مثل هذا الحق الإلتجاء إلى القضاء المستعجل إذا توافر الإستعجال لتتقرر له الحماية السريعة و المؤقتة ريثما يفصل فيها قاضي الموضوع .
ــــــــــــــــــــــــــ
(1) د/ الغوثي بن ملحة ، القضاء المستعجل و تطبيقاته في النظام القضائي الجزائري ، الطبعة الأولى ، الديوان الوطني للأشغال التربوية 2000
صفحة 53.
(2) قرار رقم 236757 المؤرخ في 25/09/2002 و الذي جاء فيه أن دعوى الحيازة تخضع لإختصاص قاضي الموضوع و ليس لإختصاص قاضي الإستعجال، الإجتهاد القضائي للغرفة العقارية الجزء الثاني ، طبعة 2004 صفحة 278.
(3) الأستاذ زودة عمر ، محاضرة ملقاة على طلبة الدفعة 14 بالمعهد الوطني للقضاء 2005 .
و قد دأب القضاء على إختصاص القضاء المستعجل بالفصل في المنازعات المتعلقة بالحيازة التي تحتاج إلى حماية وقتية عاجلة حتى يرد عن الحيازة الظاهرة غير المتنازع عليها نزاعا جديا ما يقع عليها من عدوان ظاهر إلى أن يفصل في موضوع الحيازة ذاتها من محكمة الموضوع المختصة .
و قد ذهبت المحكمة العليا إلى عدم إختصاصه بالفصل في دعوى منع التعرض على أساس أن الحكم فيها يمس حتما الحق موضوع النزاع ، إذ يجب للفصل فيها التحقق من توافر شروط وضع اليد التي تخول المدعي رفع الدعوى و حقوق المتعرض على العقار موضوع النزاع بحيث لا يبقى بعد الفصل فيها نزاع بين الطرفين (1) ، و هو ما أكدته في قرارها رقم 226217 المؤرخ في 26/01/2000 إذ جاء فيه :" أن دعوى منع التعرض هي إحدى الدعاوى الثلاث المقررة قانونا لحماية الحيازة العقارية ، و هي دعوى موضوعية لا تدخل بحكم طبيعتها في إختصاص قاضي الإستعجال (2) ".
و بذلك يفهم من هذا القرار أن القضاء المستعجل يختص فقط بدعوى إسترداد الحيازة و دعوى وقف الأعمال الجديدة ، و هو ما سنوضحه فيما يلي:
الفرع الأول : إختصاص القضاء المستعجل بنظر دعاوى الحيازة المستعجلة
أولا : دعوى إسترداد الحيازة :
وردت أحكام دعوى إسترداد الحيازة في المادة 817 من القانون المدني ، إذ جاء فيها أنه : " يجوز لحائز العقار إذا فقد حيازته أن يطلب خلال السنة التالية لفقدها ردها إليه ، فإذا كان فقد الحيازة خفية بدأ سريان السنة من وقت إنكشاف ذلك .
ويجوز أيضا أن يسترد الحيازة من كان حائزا بالنيابة من غيره ".
كما ورد النص عليها كذلك في المادة 414 من قانون الإجراءات المدنية إذ جاء فيها أنه : " يجوز رفع دعوى إسترداد الحيازة لعقار أو حق عيني عقاري ممن أغتصبت منه الحيازة بالتعدي أو الإكراه وكان له وقت حصول التعدي أو الإكراه ، الحيازة المادية أو وضع اليد الهادئ العلني ".
من خلال هذين النصين نستنتج أن دعوى إسترداد الحيازة شرعت لحماية الحائز من أعمال الغصب ، وليسترد حيازته ممن سلبها أو نزعها منه ، والهدف منها هو رد الإعتداء غير المشروع والسلب والنزع بالقوة ، ولذا يعتبر هذا الإعتداء من أشد صور التعرض للحيازة وأكثرها خطرا على النظام العام، لأن الإعتداء فيها يصل إلى أقصى درجاته حيث يسلب المغتصب حيازة الحائز ويصبح هو الحائز للعقار لذلك فقد قررها المشرع بشرط أكثر تيسيرا من شروط دعوى منع التعرض ودعوى وقف الأعمال الجديدة .
فإذا رفعت الدعوى أمام قاضي الأمور المستعجلة بطلب إسترداد حيازة عقار لسلبها من حائزها بالقوة ، فالدعوى في هذه الحالة تعتبر دعوى مستعجلة لأنـها تقوم قانونا على إعتداء غير مشروع ــــــــــــــــــــــــــ
(1) أنور طلبة ، موسوعة المرافعات المدنية و التجارية ،الجزء الأول، طبعة 2001 ، منشاة المعارف ، الإسكندرية، صفحة 562.
(2) الإجتهاد القضائي للغرفة العقارية، الجزء الثاني ، قسم الوثائق 2004 صفحة 304-308.
بدون النظر إلى وضع اليد ذاته (1) ، إذ لا يترتب على الفصل فيه المساس بأصل الحق (2) . لأن القاضي الإستعجالي لا يتعرض فيها لأصل النزاع ، فهو لا يبحث نية التملك عند وضع اليد ، ولا شرط الحيازة القانوني ، إذ يكفي لإختصاصه للفصل في هذا الطلب أن يكون لرافعها حيازة هادئة ظاهرة وأن تكون قد سلبت منه بالقوة أو الإكراه ، فلا يشترط أن يكون مالكا ، بل يصح رفعها حتى ممن ينوب عن غيره في الحيازة (3) .
وتتمثل شروط دعوى إسترداد الحيازة فيما يلي :
الشرط الأول : أن يكون المدعي واضعا يده على العين وضع يد مادي وقت وقوع الغصب (4) :
أي أن تكون له حيازة مادية وقت التعدي على العقار الذي سلب منه بالقوة وبصرف النظر عما إذا كانت هذه الحيازة معيبة أم لا ، فيكفي أن يثبت المدعي العنصر المادي وقت التعدي وأنه سلبت منه بالقوة ، وأن يكون ذلك بكافة طرق الإثبات بما فيها البينة والقرائن بإعتبار الحيازة واقعة مادية (5) .
كما للمدعي أن يرفع دعوى إسترداد الحيازة على كل شخص إنتقلت إليه الحيازة ولو كان حسن النية وذلك بإعتبارها دعوى عينية (6) ، ومن ثم فليس للمدعي أن يرفعها إذا ثبت أن حيازته المادية لم تكن قائمة على العين وقت أن حازها المدعي عليه ، ويجب أن يكون سلب الحيازة قد إنصب على حيازة مادية أيضا لا على حيازة معنوية .
وقد أثير جدل حول ما إذا كان من اللازم لرفع دعوى إسترداد الحيازة أن تكون حيازة المدعي متوافرة أيضا على عنصرها المعنوي أي نية التملك ، أم يمكن رفعها من الحائز المادي ولو لم تكن له نية التملك أي ولو كانت حيازته عرضية كالدائن المرتهن الحيازي ، والمستعير والحارس ، لكن الراجح هو جواز ذلك على أساس أن القانون يمنع الشخص من أن يقتضي حقه بنفسه، فإذا إنتزعت الحيازة من الحائز بالقوة حتى لو وقع ذلك من المالك الذي أجازها على سبيل التسامح فيكون بذلك قد إقتص لنفسه بما لا يجيزه القانون ، وإذا رفعت دعوى إسترداد الحيازة أمام القضاء المستعجل وثار نزاع بين الطرفين حول توافر هذا الشرط أو عدم توافره ، فإن القاضي الإستعجالي يفحص هذه المنازعة من ظاهر المستندات لا ليقضي فيها موضوعا بل للتوصل إلى البت في الإجراء الوقتي المطلوب منه ، فإن تبين له أن إعتراض المدعى عليه في هذا الشأن يقوم على سند من الجد فإنه يقضي بعدم إختصاصه بنظر الدعوى ، أما إذا تبين له تناقض إدعاءات الطرفين فيقتضي الأمر في هذه الحالة اللجوء إلى إجراءات التحقيق وذلك وفقا لما تنص عليه المادة 415 من قانون الإجراءات المدنية إذ جاء فيها :
ـــــــــــــــــــــــ
(1) وزارة العدل ، الندوة الوطنية للقضاء الاستعجالي ، مديرية الشؤون المدنية 1995 ص 102
(2) مصطفى مجدي هرجة ، الحيازة داخل وخارج دائرة التجريم ، دار المطبوعات الجامعية الإسكندرية ، 1991 ، ص326 .
(3) المادة 817/2 من القانون المدني الجزائري .
(4) د/ محمد شتا أبو سعد ، المرجع السابق ، ص 128 .
(5) محاضرة ألقاها الأستاذ زودة عمر على الطلبة القضاة ، الدفعة الرابعة عشر ، بالمعهد الوطني للقضاء 2005 .
(6) المادة 819 من القانون المدني الجزائري .
" إذا أنكرت الحيازة أو أنكر التعرض لها فإن التحقيق الذي يؤمر به في هذا الخصوص لا يجوز أن تمس أصل الحق وهو ما جسده قرار المحكمة العليا في الملف رقم 201544 الصادر بتاريخ 22/11/2000 إذ نص على أن من المبادئ القانونية للحيازة أنها واقعة مادية يتم إثباتها بجميع الطرق القانونية (1) .
الشرط الثاني : سلب الحيازة :
يتعين لرفع دعوى إسترداد الحيازة أن تكون حيازة المدعي قد سلبت منه بفعل المدعى عليه (2) ، أما إذا كان المدعي مستمرا في حيازة العين وكل ما حدث له هو تعكير في الحيازة لا يفقده إياها فليس له رفع هذه الدعوى ، وبالتالي فهي مقترنة بزوال حيازة المدعي المادية للعقار سواء تم ذلك بالقوة أو بدون قوة .
وقد سهل المشرع الأمر على من سلبت حيازته بالقوة فأجاز له رفع الدعوى ولو لم تكن حيازته قد إستمرت سنة كاملة قبل سلبها ، وتتوافر القوة كلما وقع سلب الحيازة بإجراء يتم رغم إرادة الحائز ولا حيلة له في دفعه .
وقد يقع سلب الحيازة أيضا بالإستيلاء خلسة على العقار أو بالخداع والحيلة دون إتخاذ إجراءات قضائية أي أن العمل الذي قام به المدعي عليه عمل عدواني لا سند له في القانون ، وأنه من شأنه أن يمس بالأمن العام ، ويقع سلب الحيازة أيضا بصرف النظر عما إذا كان المعتدي حسن النية كأن يعتقد أن العقار الذي إنتزعت حيازته من الحائز هو عقار مملوك له ورغم ذلك فهو يعتبر مخطئا عندما لجأ إلى أخذ حقه بيده من الإلتجاء إلى القضاء. ومن ثم إذا رفعت دعوى إسترداد الحيازة أمام القضاء المستعجل وثار نزاع بين الطرفين حول توافر هذا الشرط فإن القاضي الإستعجالي يفحص هذه المنازعة من ظاهر المستندات ، وإذا إستبان له جدية ما يذهب إليه المدعي عليه فإنه يقضي بعدم إختصاصه بنظر الدعوى .
الشرط الثالث : أن تستمر الحيازة مدة سنة على الأقل في بعض الحالات :
تختلف المدة بإختلاف حالات سلب الحيازة فإذا وقع السلب بالقوة إستطاع المدعي طلب إسترداد الحيازة ولو كانت حيازته المادية لم تستمر على العقار مدة سنة سابقة على سلبها ، وإذا وقع سلب الحيازة بغير قوة فليس للمدعي طلب إسترداد الحيازة إلا إذا كان حائزا لمدة سنة على الأقل وقت فقدها و كانت حيازته أحق بالتفضيل من حيازة خصمه ، والحيازة الأحق بالتفضيل هي تلك التي تقوم على سند قانوني فإذا إنعدمت لديهم السندات أو تعادلت فإن الحيازة الأحق هي الأسبق في التاريخ (3)، والقاضي الإستعجالي عند عرض النزاع عليه يقضي حسبما يتضح له من نتيجة الفحص الظاهرة .
.ـــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الإجتهاد القضائي للغرفة العقارية ، الجزء 2 ، 2004 قسم الوثائق صفحة 283 ، نسخة من القرار رقم 201544 المؤرخ في 22/11/2000
( مرفق 15 )
(2) محمد علي راتب ، محمد نصر الدين كامل ، محمد فاروق راتب ، قضاء الامور المستعجلة ، ط6 ، ج1 ص605 .
(3) المادة 818 من القانون المدني الجزائري .
الشرط الرابع : أن ترفع الدعوى خلال السنة التالية لفقد الحيازة :
في هذه الحالة فإن يقع على المدعي إثبات أنه رفع دعواه في مدة السنة، وإذا كانت المدة هي مدة سقوط الدعوى الموضوعية، فإن فواتها في مجال الدعوى المستعجلة يفقد الدعوى صفة الإستعجال الملازم لإختصاصه القضاء الإستعجالي ويصبح الفصل فيها مساسا بأصل الحق ، وعليه يتعين على القاضي الإستعجالي أن يقضي بعدم إختصاصه النوعي .
الشرط الخامس : الإستعجال :
يعتبرعنصر الإستعجال شرطا لإختصاص القضاء المستعجل بنظر هذه الدعوى ، فمتى توافرت شروط دعوى إسترداد الحيازة ، وكان الإعتداء يستدعي إتخاذ إجراء وقتي بشأنه ، وكان يخشى على مصالح الحائز من فوات الوقت فله أن يلجأ القاضي الإستعجالي ليرد إليه حيازته كإجراء وقتي لحين اللجوء إلى محكمة الموضوع .
الشرط السادس : أن تكون الأعمال المعترض عليها داخلة في ولاية جهة القضاء العادي :
يختص القضاء الإستعجالي بنظر الشق المستعجل فقط من الأعمال التي تدخل في ولاية القضاء العادي ، أما إذا كان إنتزاع الحيازة يتصل بعمل من أعمال السيادة أو أعمال الإدارة فإنه يخرج عن إختصاصه .
وعموما فإن إختصاص القاضي الإستعجالي يقوم في حالة طلب إسترداد الحيازة على الإعتبارين الآتيين :
أولا : إن مهمة القاضي الإستعجالي مقصورة فقط على إعادة الحالة إلى أصلها ، وهو إجراء وقتي يراد منه المحافظة على الأوضاع المادية المستقرة . نسخة من قرار قضائي ......( مرفق 16 ).
ثانيا : سلب الحيازة من يد صاحبها قهرا، أمر يستوجب تدخل القضاء الإستعجالي لحماية الحائز ورد عدوان الغاصب .
ويتحدد حكم القاضي الإستعجالي في هذه الدعوى على الشيء محل الحيازة الذي يكون دائما عقارا ، فقد يكون أرضا فلاحية أو مسكنا أو ممرا ، على أنه يتعين على المدعي أن يعين موضوع الدعوى تعيينا كافيا نافيا للجهالة ، بأن يبين موقع العقار ومساحته وحدوده ورقمه ويسعى إلى إعادة السيطرة المادية على الشيء محل الحيازة .
ويختلف حكم القاضي حول ما إذا دامت حيازة المدعي سنة أو أنها لم تدم سنة كاملة ، فإذا دامت لمدة سنة فيحكم بردها إذا إنتزعت منه بالقوة أو الغصب ، وكذلك إذا لم تدم سنة كاملة وإنتزعت منه بالقوة وهو ما قضت به المادتين 413 من قانون الإجراءات المدنية والمادة 818 من القانون المدني، أما إذا كانت حيازة المدعي لم تدم سنة كاملة ولم تنتزع منه بالقوة فتطبق قواعد المفاضلة المنصوص عليها في المادة 818 من القانون المدني، وتقضي قواعد المفاضلة بأنه إذا وجد سند قانوني عند كل من الخصمين فضلت الحيازة الأسبق في التاريخ ، أما إذا قامت إحدى الحيازتين على السند القانوني دون الأخرى فضلت الحيازة القائمة على السند القانوني ، أما إذا كانت حيازة المدعي لم تدم سنة كاملة ولم تنتزع منه بالقوة ولكن المدعى عليه يستند على حيازة أحق بالتفضيل ، ففي هذه الحالة يحكم برفض الدعوى .
الحكم في دعوى استرداد الحيازة :
الحيـــــــازة
لمدة سنة سلبت بالقوة توفر شرط الاستعجال
يحكم القاضي بردها
الحيــــــازة
لمدة اقل من سنة سلبت بالقـوة توفر شرط الاستعجال
يحكم القاضي بردها ( م 413 ق ا م ، 818 ق م )
الحيـــــــازة
لمدة سنة سلبت منه دون قوة توفر شرط الاستعجال
يحكم القاضي بردها
الحيــــــــازة
لمدة اقل من سنة سلبت منه دون قوة توفر شرط الاستعجال
الأصل أنه ليس من اختصاص قاضي الحكم بردها
وإستثناء له الحكم برد الحيازة اذا كانت حيازة المدعي أحق بالتفضيل من حيازة خصمه أي أن حيازة خصمه تقوم على سند قانوني أو الحيازة الأسبق في التاريخ ( م 818 ق م )
الحيـــــــازة
لمدة اقل من سنة لم تنتزع منه بالقوة الاستعجال سند قانوني بحوزة المدعى عليه
القاضي يحكم برفض الدعوى
ثانيا : دعوى وقف الأعمال الجديدة
نصت المادة 821 من القانون المدني على ما يلي: " يجوز لمن حاز عقارا وإستمر حائزا له مدة سنة كاملة ، وخشي لأسباب معقولة التعرض له من جراء أعمال جديدة تهدد حيازته أن يرفع الأمر إلى القاضي طالبا وقف هذه الأعمال بشرط أن لا تكون قد تمت ، ولم ينقض عام واحد على البدء في العمل الذي يكون من شأنه أن يحدث الضرر .
وللقاضي أن يمنع إستمرار الأعمال أو أن يأذن في إستمرارها ، وفي كلتا الحالتين يجوز للقاضي أن يأمر بتقديم كفالة مناسبة تكون في حالة صدور الحكم بالوقف ضمانا لإصلاح الضرر الناشئ من هذا الوقت إذا تبين بحكم نهائي أن الإعتراض على إستمرار الأعمال كان على غير أساس ، وتكون في حالة الحكم بإستمرار الأعمال ضمانا لإزالة هذه الأعمال كلها أو بعضها للتعويض عن الضرر الذي يصيب الحائز إذا حصل على حكم نهائي في مصلحته " .
وبذلك فقد أمعن المشرع في حماية الحيازة حيث لم يكتف بحمايتها من السلب ،ومن التعرض الذي تم، وإنما نظم فضلا عن ذلك وقايتها من التعرض قبل حصوله متى تهيأت الأسباب لإحتمال وقوعه ،على أن تقوم على أسباب معقولة تدعو إلى الإعتقاد على أن هذه الأعمال لو تمت مستقبلا لأصبحت تعرضا على حيازة المدعي .
فدعوى الوقف هي دعوى الحيازة الوقائية التي ترمي إلى منع الإعتداء على الحيازة قبل وقوعه، إذ يرفعها الحائز لعقار أو لحق عيني على من شرع في عمل لو تم لأصبح تعرضا بالفعل للحائز في حيازته، شرط أن تقع هذه الأعمال في عقار المدعى عليه، لأنها لو وقعت في عقار المدعي لأصبحت تعرضا في الحيازة ، وبذلك فإن التعرض الذي تقوم عليه دعوى وقف الأعمال الجديدة هو تعرض إحتمالي وأن الأمر بوقف هذه الأشغال هو مجرد تدبير مؤقت لحماية الحق من الخطر الناجم عن مواصلة عملية البناء في إنتظار الفصل النهائي في موضوع الدعوى وهذا طبقا للمادة 186 من قانون الإجراءات المدنية.
ولقبول هذه الدعوى أمام القضاء المستعجل فينبغي توافر الشروط التالية :
الشرط الأول/ أن يكون المدعي حائزا لعقار أو لحق عيني عقاري حيازة تمكنه من إكتساب ملكية ذلك العقار أو الحق العيني :
و يستلزم ذلك قيام الحيازة على عنصريها المادي والمعنوي، أي وضع اليد الفعلي على الشيء ومباشرة سائر الأفعال التي تجعله يظهر أما الغير بمظهر صاحب الحق محل الحيازة وكذلك نية التملك التي يجب أن تكون واضحة،هادئة، مستمرة (1) وغير قائمة على عمل من الأعمال المباحة التي يأتيها الشخص بحسبانها رخصة من المباحات،ومثال ذلك فتح مطل على المسافة القانونية ، أو تلك التي تكون على سبيل التسامح (2) أي التي يتساهل فيها الشخص المعتدل ولا يعتـرض عليهـا إلى أن تتوافـر شـروط الحيـازة لـدى
ــــــــــــــــــــــ
(1) المادة 413 من قانون الإجراءات المدنية الجزائري .
(2) المادة 808 من القانون المدني الجزائري .
المعتدي ، إضافة إلى كل ذلك فيجب أن تنصب الحيازة على عقار أو حق عيني عقاري يمكن إكتسابه بالتقادم
إذ لا يمكن قبول الدعوى إذا رفعت ضد الحكومة أو أحد الأشخاص الإعتبارية العامة بالنسبة للعقارات المملوكة لها سواء كانت تلك العقارات من الأملاك العامة أو من الأملاك الخاصة ، لأنها لا تكتسب بالتقادم .
ونجد أنه في جميع هذه الأحوال فإن القضاء المستعجل لا يختص بنظر دعوى وقف الأعمال الجديدة إذا قام الدليل الجدي أمامه على أن حيازة المدعي معيبة ، أو مشوبة بشبهة الإنتفاع بطريق التسامح أو من قبيل الإباحة ، أو منصبة على حق لا يجوز إكتسابه بالتقادم ، أو قام الدليل الجدي أمامه على أن الحيازة تفتقر إلى أحد عنصريها المادي أو المعنوي .
الشرط الثاني/ أن تستمر الحيازة المراد حمايتها مدة سنة على الأقل :
على القضاء المستعجل المختص بنظر دعوى وقف الأعمال الجديدة أن يتأكد من قيام الدليل الجدي أمامه على أن حيازة المدعي قد إستمرت على هذا الوضع مدة سنة على الأقل سابقة على العمل الجديد المراد إيقافه وللحائز في سبيل إحتساب هذه السنة أن يضيف إلى مدة وضع يده مدة وضع سلفه ، كما أن الحيازة قد تكون بمعرفة الحائز نفسه بشخصه أو بمن ينوب عنه أما في حالة ما إذا تبين بأن الحيازة لم يمض عليها سنة قبل الشروع في العمل الجديد فإنه يقضي بعدم إختصاصه بنظر الدعوى .
الشرط الثالث / شروع المدعى عليه في عمل من شأنه لو تم أن يصبح تعرضا لحيازة المدعي :
إن هذه الدعوى لا يقصد بها منع تعرض حاصل بالفعل ، وإنما الهدف منها توقي حصوله مستقبلا لأن سبيل وقوع التعرض الفعلي هو دعوى منع التعرض وليس دعوى وقف الأعمال الجديدة التي يكون محلها أعمالا لا تعتبر تعرضا في الحال، وإنما هو تعرض في المآل من شأنه أن يعكر أو يمس الحق الذي يحوزه المدعي، ولهذا فقاضي الأمور المستعجلة عند عرض النزاع عليه ينبغي عليه قبل البت في الدعوى أن يتعرف من ظاهر المستندات حقيقة الأمر فيها من خلال معرفة الحق الذي يحوزه المدعي ، ومداه ونطاقه وما يخوله من سلطات طبقا للقانون وذلك بمعرفة ما إذا كانت الأعمال المتظلم منها من شأنها عند تمامها أن تمس هذا الحق محل الحيازة أم لا فإن إتضح أنها تمسه قضى بوقفها، أما إن إتضح أنها عند تمامها لن تمس حقا يحوزه قضى بعدم الإختصاص .
الشرط الرابع / ألا يكون العمل الجديد قد تم أو أن يكون قد إنقضى على الإبتداء فيه عام:
إذا ثبت أن العمل المتضرر منه قد تم فعلا وإنقلب تعرضا فليس للمتضرر رفع دعوى وقف الأعمال الجديدة بل عليه رفع دعوى منع التعرض .
وقد يكون الفعل تعرضا في جزء منه وشروعا في تعرض بالنسبة لجزء آخر، فيجوز رفع دعوى وقف الأعمال الجديدة بالنسبة للشق الذي مازال في مرحلة الشروع ويترتب على ذلك أن الأعمال التي ترفع بصددها دعوى وقف الأعمال الجديدة إنما يفترض إرتكابها في عقار آخر خلاف عقار المدعي (1) .
ـــــــــــــــــــــــــــ
(1) د/ احمد هندي ، اصول قانون المرافعات المدنية والتجارية ، 2002 دار الجامعة الجددية للنشر الاسكندرية صفحة 384 .
كما يتعين أيضا ألا يكون قد إنقضى عام على الشروع في الأعمال والملاحظ أن مضي مثل هذه المدة من شأنه في صدد الدعاوى المستعجلة أن يفقدها غالبا صفة الإستعجال ويخرجها بالتالي عن إختصاص القضاء المستعجل بل إن القاضي الإستعجالي ولو كان التأخير في رفع الدعوى لمدة تقل عن سنة و تبين له أن ذلك التأخير قد أثر على طبيعة الإستعجال وأفقدها إياه فإنه يقضي بعدم إختصاصه .
الشرط الخامس/ ألا يطلب من القاضي المستعجل إزالة ما تم من أعمال:
إن القضاء المستعجل يختص بوقف الأعمال الجديدة وليس بإزالة ما تم من أعمال لأن ذلك ينطوي على مساس بأصل الحق، وعليه فإذا طلب المدعي مثلا وقف الأعمال الجديدة وإزالة ما تم منها ، فإن القاضي الإستعجالي يقضي بإجابة الشق الأول متى تكاملت عناصره وبعدم إختصاصه بنظر الشق الثاني .
أما إذا طلب المدعي إزالة الأعمال التي يقيمها المدعى عليه وتبين للقاضي أن عناصر دعوى وقف الأعمال الجديدة المستعجلة متكاملة من خلال ظروف الدعوى فإنه يختص بما له من سلطة ويقضي بوقف العمل الجديد .
الشرط السادس / الإستعجال :
إن عنصر الإستعجال شرط في دعوى وقف الأعمال الجديدة وهو شرط كذلك لإختصاص القضاء المستعجل، فإذا ما تبين لقاضي الأمور المستعجلة إفتقار الدعوى لهذا العنصر فيتعين عليه الحكم بعدم إختصاصه بنظرها .
الشرط السابع/ أن تكون الأعمال المعترض عليها داخلة في ولاية جهة القضاء العادي:
يحكم القاضي الإستعجالي بعدم الإختصاص النوعي في حالة ما إذا كانت الأعمال مطلوب وقفها تدخل ضمن أعمال السيادة أو أعمال الإدارة .
وبناء على ما تقدم، يمكن القول أن دعوى وقف الأعمال الجديدة وإن كانت دعوى حيازة ،إلا أنها ونظرا لطبيعتها الوقتية فإنها أقرب الدعاوى إلى إختصاص القضاء المستعجل على أساس أن شرط الإستعجال الذي هو محور إختصاصه يكون متوافرا في فروض كثيرة ترفع فيها هذه الدعوى، لأن دعوى الوقف ترفع بمجرد البدء في أعمال قبل أن تتم ، أي أننا بصدد شروع في تعرض أو تعدي على الحيازة ، فيفرض المنطق رفعها بسرعة لتوقي وقوع هذا التعرض بدلا من إنتظار وقوعه .
ويمكن للمحكمة بموجب المادة 821/2 من القانون المدني أن تحكم بكفالة ، مع إستمرار الأعمال أو وقفها سواء للمدعي أو للمدعى عليه ، فإذا كانت قد قضت لمصلحة المدعي بوقف العمل الجديد وألزمته بالكفالة فإن هذا الحكم لا ينفذ إلا بعد إيداع الكفالة ، وتبقى هذه الكفالة مودعة حتى يفصل نهائيا في النزاع حول الحق ، فإن حكم في هذا النزاع لمصلحته إسترد ما أودعه ، وإن حكم ضده كان للطرف الآخر أن يرجع على هذه الكفالة للحصول على تعويض الضرر الذي أصابه من جراء وقف العمل الجديد بغير حق ، أما إذا كان الحكم لمصلحة المدعى عليه بالإستمرار في العمل الجديد وألزمته بدفع كفالة فإنها تبقى أيضا مودعة حتى يفصل نهائيا في النزاع حول الحق، فإذا حكم فيه لمصلحته فإنه يستردها .
أما إذا حكم ضده كان للطرف الأخر أن يرجع على هذه الكفالة للحصول على تعويض الضرر الذي أصابه من جراء الإستمرار في العمل الجديد بغير حق .
ومعنى ذلك أن للمحكمة سلطة الأمر بالكفالة (1) مع إستمرار الأعمال أو مع وقفها ، وأن الذي يدفع الكفالة دائما هو المحكوم له في دعوى وقف الأعمال الجديدة سواء كان الحائز ( في حالة الحكم بالوقف ) أو المدعى عليه ( في حالة الحكم بالإستمرار في الأعمال )، وبهذا فإن إفراد المشرع للحكم الصادر في دعوى وقف الأعمال الجديدة بالكفالة دون الحكم الصادر في باقي دعاوى الحيازة يتماشى وكون هذه الدعوى هي دعوى حيازة وقتية سواء طرحت أمام القاضي الإستعجالي أو القاضي الموضوعي ، و بتقديم الكفالة يصبح الحكم الصادر في دعوى الوقف قابلا للتنفيذ الجبري فور صدوره ،وفي كل الأحوال فإن هذا الحكم لا حجية له أمام قاضي الموضوع (2) كما سنبينه لاحقا ، وبذلك فموضوع هذه الدعوى يكون دائما إلزاما بوقف الأعمال الجديدة يمكن تنفيذه بواسطة الغرامة التهديدية لإجبار المدعى عليه عن الإمتناع عن العمل.
ونشير إلى أنه في دعوى إسترداد الحيازة ودعوى منع التعرض فلا يجوز تنفيذ الحكم الصادر فيهما بواسطة الغرامة التهديدية لأنه يعتبر حكما ملزما يمكن تنفيذه جبرا على المدعى عليه وذلك عن طريق القوة العمومية ، كما أنه لا يتوقف على تدخل المدين شخصيا ، ويتم تنفيذه بإزالة البناء أو الحائط بواسطة المحكوم عليه فإذا إمتنع جاز له أن يطلب من القاضي بالإذن له بالقيام بالإزالة بنفسه لكن على نفقة المدين .
- الحكم في دعوى وقف الاعمال الجديدة
عـدم الاختصــاص
الحيازة أقل من سنة قبل اذا كانت الاعمال عند تمامها عند انقضاء السنة على الشروع في
الشروع في العمل لا تمس أصل الحق الأعمال ، أو عند التأخير في رفع
الدعوى لمدة اقل من سنة ، مما
يؤثر على طبيعة الاستعجال ويفقدها إياه
القضاء بوقـف الأعمـال الجديــدة
إذا كانت الأعمال عند تمامها من شانها المساس بأصل الحق محل الحيازة
ـــــــــــــــــــــــــــ
(1) الندوة الوطنية للقضاء الاستعجالي ، مديرية الشؤون المدنية 1995 صفحة 104
(2) د/ احمد هندي ، المرجع السابق صفحة 387 .
موقف الإجتهاد القضائي فيما يخص مسائل الحيازة :
لقد وقف الإجتهاد القضائي كثيرا عند مسائل الحيازة مما يعكس الأهمية الكبيرة لها ، ويبين حجم القضايا المتعلقة بها، الأمر الذي أتاح له المساهمة في وضع المبادئ القانونية من جهة وتأكيد شروطها من جهة ثانية وسنعرض فيما يلي بعض قرارارت المحكمة العليا .
1) فيما يخص إثبات الحيازة : قرار رقم 201544 صادر بتاريخ 22/11/2000 .
المبدأ : الحيازة واقعة مادية يتم إثباتها بجميع الطرق القانونية .
الدفع المثار: " ... كلا الطرفين يدعي الحيازة للأرض محل النزاع .
- حيث أن الطاعن يدعي أنه حائز لها .... وأن المدعى عليهما إعتديا على حيازته مؤخرا .
- حيث أن المطعون ضدهما أنكرا التعدي على حيازة الطاعن ....
- حيث أنه بالرجوع إلى القرار المطعون فيه فإنه لا يوجد ما يدل على إنتقال الحيازة منذ مدة تزيد عن السنة للمطعون ضدهما ولا توجد أية إشارة إلى أن المطعون ضدهما أثبتا حيازتهما للأرض .
- حيث أن الحيازة واقعة مادية تثبت بكل الطرق القانونية، وكان على قضاة المجلس أمام إدعاءات الطاعن وإنكار المطعون ضدهما القيام واللجوء إلى أي إجراء من الإجراءات التي يخولها لهم القانون للتأكد من موضوع الدعوى والتحري أكثر خاصة وأنهم أكدوا بأن الأرض تحت حيازة المطعون ضدهما دون تبيان مصدر ذلك .
التعليق : لقد صرح قضاة الموضوع بإنتقال حيازة القطعة الأرضية المتنازع عليها إلى المدعى عليهم في الطعن دون أن يثبت هؤلاء الحيازة المزعومة ، وقد إستقرت المحكمة العليا على أنه وعندما يبدي كل طرف في نزاع إدعاءات بخصوص حيازة العقار المتنازع عليه فإنه يتعين على قضاة الموضوع اللجوء إلى إجراءات التحقيق طبقا للمادة 415 من قانون الإجراءات المدنية لإثبات خصائص الحيازة المتمسك بها (1) .
2- فيما يخص دعوى إسترداد الحيازة :
- قرار رقم 57979 مؤرخ في 27/12/1989 ، المجلة القضائية لسنة 1993 عدد 3 صفحة 28 .
المبدأ : من المقرر قانونا أنه لا تقبل دعوى الحيازة ودعوى إستردادها إذا لم ترفع خلال سنة من التعرض .
ومن المقرر أيضا أنه لا تقبل دعوى الحيازة ممن سلك طريق دعوى الملكية (2) .
- قرار رقم 205945 مؤرخ في 31/01/2001 (3).
ـــــــــــــــــــــــ
(1) حمدي باشا عمر ، مبادئ الاجتهاد القضائي في مادة الاجراءات المدنية ، دار هومة الجزائر ص 48 .
ـ حمدي باشا القضاء العقاري ، طبعة 2002 ، دار هومة ، الجزائر صفحة 131 .
(2) تعليق السيدة : فائزة بوتارن ، رئيسة قسم الغرفة العقارية ، الاجتهاد القضائي للغرفة العقارية ، الجزء 2 ، 2004 ، قسم الوثائق صفحة 288 .
(3) نسخة من القرار رقم 205945 المؤرخ في 31/01/2001 ( مرفق 17 ) .
المبدأ : لا يمكن الإستجابة لدعوى إسترداد الحيازة قبل التأكد من الحيازة القانونية لرافع الدعوى .
الدفع المثار ( حيث أنه ... تبين أن المطعون ضده أقام دعوى إسترداد الحيازة لقطعة أرضية يزعم أنه يحوزها بصفة دائمة وعلنية منذ 1954 إلى غاية أن إستولى عليها الطاعن بالقوة وقام بحرثها وتسييجها حسب قوله .
- وحيث أنه للفصل في طلب إسترداد الحيازة .... كان ينبغي التأكد من حيازة المدعي للقطعة الأرضية موضوع النزاع حيازة قانونية وفقا للمادة 413 من قانون الإجراءات المدنية والتأكد من أن المدعى عليه جرد المدعي من حيازته للقطعة بدون وجه حق وعندئذ فقط الفصل بقبول طلب إسترداد الحيازة أو رفضه حسب الحالة .
التعليق : على القاضي عند عرض النزاع حول إسترداد الحيازة التأكد من الحيازة الفعلية للمدعي ومدى توافر شروطها المنصوص عليها في المادة 413 من قانون الإجراءات المدنية والمتمثلة في أن الدعوى ترفع خلال سنة من التعرض لأن المشرع إستثنى هذه الدعوى بالذات من الشروط العامة الواجب توافرها في باقي دعاوى الحيازة والمتمثلة في أن تكون هادنة علنية ، مستمرة لايشوبها إنقطاع وغير مؤقتة وغير خفية وإستمرت لمدة سنة على الأقل .
كما ينبغي عليه التأكد من جرد وسلب المدعى عليه الحيازة من المدعي بدون وجه حق .
3- فيما يخص دعوى منع التعرض ومدى إختصاص القضاء المستعجل بنظرها :
قرار رقم 226217 مؤرخ في 26/01/2000 .
المبدأ : دعوى منع التعرض هي إحدى الدعاوى الثلاث المقررة قانونا لحماية الحيازة العقارية وهي دعوى موضوعية لا تدخل بحكم طبيعتها في إختصاص قاضي الإستعجال .
الدفع المثار : حيث أنه من المقرر قانونا أن المقصود بالإستعجال هو الضرر المحدق بالحق والمطلوب رفعه بإجراء وقتي لا تسعف فيه إجراءات التقاضي العادية مع عدم المساس بأصل الحق ... .
- حيث أنه ... الفصل في دعوى منع التعرض يستوجب البحث عن صفة واضع اليد ، وعناصر الحيازة وشروطها ومدة وضع اليد وهذه جميعها مسائل تحقيق موضوعية لايتسع لها نطاق قضاء الإستعجال ، علاوة على أنه في تحديد من له الحيازة القانونية مساس حتما بأصل الحق موضوع النزاع بإعتبار الحيازة قرنية على الملكية .
التعليق : بمفهوم المخالفة من المبدأ الذي إستقرت عليه المحكمة العليا يستشف أن دعوى وقف الأعمال الجديدة ودعوى إسترداد الحيازة تدخلان بحكم طبيعتهما في إختصاص قاضي الإستعجال لأن الفصل فيهما لا يمس أصل الحق وإنما يكون مجرد إجراء مؤقت للحماية بينما دعوى منع التعرض فطبيعتها موضوعية وبذلك فهي لا تدخل في إختصاص القضاء المستعجل لأن الفصل فيها يمس بأصل الحق .
4- فيما يخص دعوى وقف الأعمال الجديدة :
- قرار رقم 33252 مؤرخ في 06/03/1985 ، المجلة القضائية 1989 عدد 04 ص 34 .
المبدأ : متى كان من المقرر قانونا أن الأوامر التي تصدر في المواد المستعجلة لا تمس أصل الحق (1) .
- قرار رقم 88796 مؤرخ في18/2/1991 .
المبدأ : يجب تبرير عنصر الخطر الذي هو أساس إقامة دعوى الإستعجال (2) .
- قرار صادر بتاريخ 03/06/1987 .
المبدأ : يجب تبرير عنصر الإستعجال في الدعوى (3) .
- قرار رقم 53918 مؤرخ في 22/6/1988 .
المبدأ : لا يجوز لقاضي الأمور المستعجلة أن يفصل بشكل قطعي في صفات الخصوم أو أن يفصل في صحة أو عدم صحة العقود التي تقدم بها الطرفين ، إذا طعن فيها بالإنكار أو التزوير أو البطلان أو الصورية (4) .
- قرار رقم 151591 مؤرخ في 11/06/1997 .
المبدأ : إن وقف الأشغال من طرف الجهة الإستعجالية لا تمس بأصل الحق ، فهو مجرد تدبير مؤقت لحماية الحق من الخطر الناجم عن مواصلة البناء في إنتظار الفصل النهائي في موضوع الدعوى (5) .
- الفرع الثاني : قاعدة عدم الجمع بين دعوى الملكية و دعوى الحيازة
من المقرر أن لكل حق دعوى تحميه ، و قد يجد صاحب الحق أن يسلك سبيلا ميسرا يحقق به الغاية من حماية حقه وذلك برفع دعوى الحيازة بدلا من أن يسلك السبيل الذي يتطلب إجراءات معقدة وإثباتا قد يكون صعبا ، ويتحقق ذلك برفعه لدعوى الحيازة بدلا من دعوى الملكية بشرط ألا يجمع بينهما ، إذ يترتب على هذا الجمع سقوط حقه في دعوى الحيازة .
تنص المادة 418 من قانون الإجراءات المدنية الجزائري على مايلي: ( لا تقبل دعوى الحيازة ممن سلك طريق دعوى الملكية ) .
وعليه فقاعدة عدم الجمع بين دعوى الملكية ودعوى الحيازة ، وردت شاملة وعامة ، فلا يمكن حصرها على القضاء الموضوعي أو على القضاء المستعجل ، وبذلك فهي تطبق على المستويين ، وتسري حتى على القضاء المستعجل رغم أنه قضاء مؤقت ولا يمس بأصل الحق وأن أحكامه لا تحوز حجية الشيء المقضي فيه ، لكن هناك أراء مختلفة حول مسألة الجمع بين دعوى الملكية أمام القضاء الموضوعي ودعوى الحيازة أمام القضاء المستعجل ، فذهب رأي (6) إلى أن رفع دعوى الحق مانع من رفع إحدى دعاوي الحيازة سواء
ــــــــــــــــــــــــ
(1) حمدي باشا عمر ، مبادئ الاجتهاد القضائي ، دار هومة ، الجزائر 2001 ص 48 .
حمدي باشا عمر ، القضاء العقاري ، دار هومة ، الجزائر 2002 ص 132 .
+ نسخة من القرار 33252 المؤرخ في 06/03/1985 ( مرفق 18 ) .
(2)+ (3) : الندوة الوطنية للقضاء الاستعجالي المرجع السابق ص99 .
(4) الندوة الوطنية للقضاء الاستعجالي المرجع السابق ، ص 101 .
(5) نشرة القضاة العدد 56 ، طبع الديوان الوطني للاشغال التربوية 1999 ص102 .
(6) محمد نصر الدين كامل ومحمد فاروق راتب ، المرجع السابق ، صفحة 276
كان ذلك أمام قاضي الحيازة أو أمام قضاء الإستعجال بالنسبة لتلك الدعاوى التي تدخل في إختصاصه ، مع ملاحظة أن دعوى الحيازة التي يمنع رفعها في تلك الصور هي التي يكون سببها ناشئا قبل رفع دعوى الحق، أما تلك التي ينشأ سببها بعد رفع دعوى الحق فلا شك في جواز رفعها سواء أمام قاضي الحيازة أو القاضي الإستعجالي عند توافر شروط إختصاصه ، وعلى ذلك فإذا شرع شخص في بناء حائط يحتمل أن يصبح مع الوقت تعرضا لمطل المدعي فرفع هذا الأخير دعوى أمام القضاء الموضوعي يطلب فيها تقرير حق إرتفاق بالمطل المكتسب بالتقادم مثلا ، فأنه يمتنع عليه بعد ذلك أن يرفع دعوى وقف هذا البناء لأنه قد إختار الطريق الصعب (طريق دعوى الملكية) فيفترض أنه قد تنازل عن الطريق السهل ( طريق دعوى وقف الأعمال الجديدة المستعجلة) .
بينما ذهب إتجاه آخر إلى أنه لا محل لإعمال القاعدة المقررة في المادة 418 من قانون الإجراءات المدنية ، والتي تقضي بعدم جواز الجمع بين دعوى الحيازة ودعوى الحق في شأن الدعاوى المستعجلة التي ترفع برد الحيازة أو وقف الأعمال الجديدة التي ترفع أمام القاضي المستعجل مع توافر موجب إختصاصه التي ترفع أمام محكمة الموضوع ، أما دعوى إسترداد الحيازة أو وقف الأعمال الجديدة التي ترفع أمام القاضي المستعجل مع توافر موجب إختصاصه فلا تعتبر دعوى وضع يد – أي دعوى الحيازة – بالمعنى القانوني، فهي مجرد طلب بإجراء تحفظي مستعجل يقصد منه رد عدوان، يبدو للوهلة الأولى أنه بغير حق ، أو دفع خطر لا يمكن تداركه أو يخشى إستفحاله إذا ما فات عليه الوقت ، فتسري عليه كافة الأحكام المتعلقة بالدعاوى بما فيها القاعدة التي تقضي بأن رفع دعوى الحق أمام قاضي الموضوع لا يسلب إختصاص القاضي الإستعجالي بالفصل في الطلب الوقتي المتفرع من أصل النزاع سواء كان رفع دعوى الموضوع سابقا على رفع الدعوى المستعجلة أم لاحقا لها ، فإذا رفعت دعوى تثبيت ملكية أمام محكمة الموضوع فإن ذلك لا يمنع القاضي المستعجل من نظر دعوى رد الحيازة أو وقف الأعمال الجديدة أثناء قيام دعوى الملكية أمام محكمة الموضوع مع توافر السبب القانوني الذي يبرر إختصاصه .
و الرأي الأخير هو الذي يتسق مع نطاق إختصاص القضاء المستعجل من كونه يفصل بصفة مؤقتة مع عدم المساس بأصل الحق (1) في المسائل المستعجلة التي يخشى عليها من فوات الوقت .
كما و أن حكمه في ذلك حكم وقتي لا يقيد قضاء الموضوع فيما إنتهى إليه ، و من ثم فالمدعي الذي أقام دعواه الموضوعية بطلب تقرير حق إرتفاق له بالمطل المكتسب بالتقادم يجوز له في نفس الوقت أن يقيم دعوى مستعجلة بطلب وقف بناء الحائط الذي لو تم لأصبح تعرضا له في المطل ، و يقضي له بذلك إذا ما توافرت شروط إختصاص القضاء المستعجل و القول بأنه يمتنع عليه ذلك لإختياره الطريق الصعب و هو دعوى الحق لا يتفق مع طبيعة القضاء المستعجل الذي يقصد به رد العدوان البادي من ظاهر المستندات .
ــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) المادة 186 من قانون الإجراءات المدنية الجزائري .
و حكم قاضي الأمور المستعجلة في المثال السابق لا يفصل في أصل الحق و إنما هو حكم مؤقت بوقف البناء عند توافر شروط الدعوى و ذلك حتى يفصل في أصل النزاع أمام محكمة الموضوع الذي لا يتقيد أمامه بحجية الحكم الوقتي (1).
و عموما فما دامت المادة 418 من قانون الإجراءات المدنية لم تحدد نطاق تطبيق هذه القاعدة فإنها تبقى شاملة بالنسبة للقضاء المستعجل و كذا لقضاء الموضوع و هذا لأن الهدف منها لا يبرز من خلال علاقة الدعويين ( دعوى الحق و دعوى الحيازة ) ببعضهما البعض أو علاقة الجهتين القضائيتين ( القضاء المستعجل و قضاء الموضوع ) و إنما تطرح نطاق حماية الحيازة بذاتها مستقلة عن الملكية ، و إذا كانت هذه القاعدة ملزمة للطرفين أي للمدعي و المدعى عليه فإنها من باب أولى ملزمة للقاضي و هو ما قضت به المادة 416 من قانون الإجراءات المدنية إذ جاء فيها ما يلي: " لا يجوز للمحكمة المطروح عليها دعوى الحيازة أن تفصل في الملكية " .
و بذلك يكون القاضي قد حمى الحيازة بذاتها مجردة عن الحق لأن الأصل في الحائز هو المالك و القانون يفصل بين حماية الحيازة و حماية الملكية فلا يجب الخلط بينهما .
و تجدر الإشارة إلى أن الدفع بعدم الجمع بين دعوى الحق و دعوى الحيازة هو من النظام العام ، و للقاضي إثارته من تلقاء نفسه.
المطلب الثاني : قواعد حماية القضاء المستعجل للحيازة :
نصت المادة 183/1 من قانون الإجراءات المدنية على ما يلي
في جميع أحوال الإستعجال أو عندما يقتضي البت في تدبير الحراسة القضائية او أي تدبير تحفظي لا تسري عليه نصوص خاصة ، فإن الطلب يرفع بعريضة الى رئيس الجهة القضائية للدرجة الأولى المختصة بموضوع الدعوى ) .
وعليه يكون اللجوء إلى القاضي الإستعجالي في جميع أحوال الإستعجال ، كما أن سلطاته تقتصر مبدئيا على البت في تدابير من صفتها أن تكون مؤقتة ، على أن تكون قائمة على شروط أساسية ، وقد رأينا سابقا بأن كل من دعوى إسترداد الحيازة ودعوى وقف الأعمال الجديدة على عكس دعوى منع التعرض يمكن أن يدخلا ضمن الدعاوى المستعجلة التي تكون من إختصاص القضاء المستعجل إذا ما توفرت فيهما الشروط القانونية التي تخول للمدعي - الحائز – حق اللجوء الى القضاء لطلب حماية حيازته ، بإعتباره حق من الحقوق العامة اللصيقة بالشخصية ، وهي من الحريات العامة التي يكفلها الدستور للناس كافة .
أما الحق في الدعوى سواء كانت دعوى إسترداد الحيازة أو دعوى وقف الأعمال الجديدة ، فهي تتقرر للشخص الذي ينفرد به ويدعيه ويطلب من القاضي الحماية بسبب الإعتداء عليه ومن ثم تنشأ له مكنة قانونية على سبيل الإستئثار والإنفراد دون الناس .
ـــــــــــــــــــــــــــ
(1) مصطفى مجدي هرجة ، المرجع السابق ، صفحة 301.
وبذلك فإن الحائز بمباشرته الحق في الدعوى فهو يمارس في نفس الوقت جدية الإلتجاء الى القضاء وبذلك يجمع بين الحقين .
لكن السؤال الذي يمكن طرحه في هذا الشأن ، هل أن الحيازة تخضع لنفس القواعد والشروط العامة التي يجب أن تتوافر لإختصاص القضاء المستعجل ، أم أنها تنفرد بقواعد خاصة ومستقلة ؟
لاشك أن إختصاص القضاء المستعجل بنظر دعاوى الحيازة يتطلب، بالإضافة للقواعد والشروط الخاصة بكل دعوى ، توافر شرطي الإستعجال وعدم المساس بأصل الحق ، وهما شرطان يتعلقان بالنظام العام .
فعنصر الإستعجال حسب المادة 183/1 من قانون الإجراءات المدنية هو العنصر الذي يحدد الجهة القضائية المختصة ومدى إختصاصها وكذا الاجراءات المتبعة أمامها كما أنه يعتبر فكرة قانونية (1) نص عليها المشرع في القانون المدني ( م183 ) وقانون الاجراءات المدنية ( م 40/2 ، 53 ، 67 ) .
الفرع الأول : إجراءات رفع دعوى الحيازة المستعجلة ومراحل سيرها :
أولا / إجراءات رفع دعوى الحيازة المستعجلة :
إن طلب حماية الحيازة في القضاء المستعجل سواء كان ذلك بطلب إسترداد الحيازة أو بطلب وقف الأعمال الجديدة يرفع بعريضة مؤرخة وموقعة من المدعي أو وكيله تقدم إلى رئيس الجهة القضائية من الدرجة الأولى ، المختصة بالنظر في موضوع الدعوى ، وهو ما نصت عليه المادة 183/1 من قانون الإجراءات المدنية ، ويكون ذلك بعد سداد الرسوم المستحقة عليها ، وقيدها بجدول المحكمة وهو سجل خاص تبعا لترتيب ورودها مع بيان