مدى حجية المحررات الإلكترونية في الإثبات دراسة مقارنة
أصبحت المعاملات الإلكترونية حقيقة قائمة في العالم المعاصر . وهي آخذه في
التطور السريع ولكنها تواجه إشكالية تتعلق بالإثبات في وقت هي بحاجة إلى
وسائل غير تلك التقليدية المتعارف عليها حتى تتماشى مع الحلول القانونية
نتيجة الاتساع المذهل لحجم تلك التجارة والمعاملات كافة .
ولهذا كان الهدف من هذه الدراسة هو بحث حجية المحررات الإلكترونية في
الإثبات وفقاً لمشروع قانون المبادلات والتجارة الإلكترونية وقانون البينات
الفلسطيني , وكذلك قانون المعاملات الإلكتروني الأردني أيضا قوانين
الأوراق المالية والبينات والبنوك والتجارة الأردنية ذات العلاقة وكذلك
قانون التوقيع الإلكتروني والإثبات المصري , وقانون المعاملات الإلكترونية
لإمارة دبي, وقانون المبادلات والتجارة الإلكتروني التونسي,والتي أخذت
بالوسائل الإلكترونية وأعطتها حجية في تعاملاتها , حيث اتفقت نصوص هذه
القوانين على إعطاء المحررات الإلكترونية حجية كاملة في الإثبات إذا استوفت
الشروط القانونية .
أما فيما يتعلق بالتوقيع الإلكتروني فقد اتضح أن المشروع
الفلسطيني لم يورد صوره وأشكاله حصراً , وإنما أوردها على سبيل المثال ,
تاركاً المجال لإدخال صور جديدة للتوقيع الإلكتروني في التطبيق العملي شأنه
شأن معظم التشريعات العربية فحسناً فعل, ولهذا تم فرض شروط معينة على
التوقيع الإلكتروني لمنحة الحجية في الإثبات , وما نتج عن ذلك أن النصوص
التقليدية في قانون البينات الفلسطيني وبقراءتها مع نصوص مشروع قانون
تنظيم التوقيع الإلكتروني الفلسطيني تستوعب الوسائل الإلكترونية الحديثة
وتنطبق عليها ,وهذا يرجع إلى حرية الأطراف في الاتفاق على إثبات تصرفاتهم
بأي طريقة يرونها مناسبة ,باستثناء بعض التصرفات التي يتطلب القانون لها
شكلاً معيناً كالمعاملات الرسمية , ومعاملات التصرف في الأموال غير
المنقولة , والمعاملات المتعلقة بالأحوال الشخصية وغيرها وبالتالي لا يقبل
بها التوقيع الإلكتروني , ويرى الباحث وبما أن طبيعة قواعد قانون البينات
مكمله وليست آمره أي يجوز اتفاق الأطراف على خلافها فلا حرج في الأخذ
بالتوقيع الإلكتروني في ظل قانون البينات الفلسطيني باتفاق الأطراف .
وبخصوص التصديق الإلكتروني فلقد ورد تعريف شهادة المصادقة الإلكترونية ,
في مشروع قانون المبادلات والتجارة الإلكترونية الفلسطيني فحسناً فعل ,
إذ أن هذا الأمر لازم ومهم لتأكيد الثقة والمصداقية في التوقيع الإلكتروني
وكأثر يرتب حقوقا في مواجهة الأطراف المتعاقدة, كذلك مزود خدمات التصديق
وهو الشخص الاعتباري أو الطبيعي الذي يرخص له من قبل الهيئة العامة
للمصادقة الإلكترونية في تنفيذ أحكام قانون التوقيع الإلكتروني, حيث اتفقت
نصوصه مع نصوص قانون المعاملات الإلكتروني لإمارة دبي وقانون المبادلات
والتجارة الإلكترونية التونسي , على عكس المشروع الذي لم يورد تعريفاً
لمزود خدمات التصديق ولم ينظم شروطه ومدى مسؤوليته , وكذلك المشرع الأردني
الذي لم يعالج أصلاً خدمات التصديق الإلكتروني للتوقيعات وآلية عمل هذه
الجهات والإجراءات المتعلقة بتسجيلها وفيما يتعلق بتطبيق التواقيع
الإلكترونية وشهادات التصديق الصادرة من جهات أجنبية جاء نص المادة (48) من
مشروع قانون المبادلات والتجارة الإلكترونية الفلسطيني غامضاً في هذه
المسألة من حيث صياغتها فهو لم يشير الى التوقيعات الإلكترونية الأجنبية
التي قد تكون لازمة بالنسبة للمعاملات الإلكترونية عبر الدول، وخصوصاً أن
الهدف من قانون التوقيع الإلكتروني في أي دولة هو تسهيل تبادل المعاملات
الإلكترونية داخل وخارج حدود الدولة والتي قد تمثل صفقات ضخمة في غالبيتها
تتضمن عنصراً أجنبياً ضمن أطرافها، ولهذا فإن الاعتراف بآثار التوقيع
الإلكتروني الأجنبي له أهمية في مثل هذه الصفقات , وهذا ما أخذ به قانون
المعاملات والتجارة الإلكترونية لإمارة دبي في المادة (26) منه ونص المادة
(12) من قانون اليونسترال النموذجي حيث أكدت هذه النصوص على الاعتراف
بالتوقيع الإلكتروني وشهادات التصديق الأجنبية، وكأنها وفق القانون
الوطني إذا توافرت فيها الشروط المنصوص عليها في القانون المذكور .
حمل الملف الكامل