تكييف الوقائع والجريمة : تنصب مسألة التكييف التي يتولاها القاضي على الوقائع والجريمة
،إذ يهدف تكييف الوقائع إلى البحث في مدى توافر التطابق بين الواقعة المرتكبة أو السلوك المرتكب مع
الواقعة النموذجية أو السلوك النموذجي الذي يتضمنه النص التجريمي.
وتتجلى أهمية التكييف في أن ثبوت عدم التطابق بين السلوك المرتكب والسلوك النموذجي من
شأنه أن يؤدي لزاما إلى إستيعاد النص التجريمي، وتتجلى أيضا في أن ثبوت التطابق من شأنه أن يحدد
العقاب والنظام الإجرامي، فالقاضي ملزم بتطبيق العقاب في حدود سلطته التقديرية .
2 تفسير النص التجريمي : يقتضي مبدأ الشرعية أن تفسير النصوص تفسيرا يحافظ على
التوازن بين مصلحة الأفراد ومصلحة المجتمع يضاف إلى ذلك أن خصوصية ذاتية قانون العقوبات تستلزم
أن يخضع تفسير نصوصه لأساليب خاصة.
ويعتبر التفسير القضائي أهم تفسير للنص التجريمي، وهو تفسير يقوم به القاضي أثناء تطبيق النص
التجريمي على الوقائع المعروضة عليه ويكاد يجمع الفقه والقضاء على أن تفسير النص التجريمي يجب أن
يكون تفسيرا ضيقا لا يجيز التوسع. وهو التفسير الذي يدعمه مبدأ الشرعية مع مراعاة إرادة المشرع
وقصده.
3 صلاحية القاضي في إستيعاد النص التجريمي خدمة للشرعية: لا يكفي تطابق السلوك المرتكب
مع السلوك النموذجي الذي يتضمنه النص التجريمي لقيام الركن الشرعي للجريمة، ذلك أن الركن الشرعي
يتطلب علاوة على ذلك أن يكون النص التجريمي نفسه صالحا للتطبيق على السلوك المرتكب. وتتأكد هذه
الصلاحية من خلال مراعاة الحدود الزمنية والمكانية لسريانه، وهذا ما يعبر عنه بالنطاق الزمني والنطاق
المكاني لتطبيق النص التجرمي.
أما فيما يتعلق بالنظام الزمني للنص التجريمي فإن المشكلة تثور في حالة وقوع جريمة في ظل قانون
ثم يصدر قانون جديد يعدل أو يلغي القانون القديم الذي ارتكب في ظله الجريمة. فلا خلاف في أن القانون
الجديد يطبق على الواقعة اللاحقة لصدوره، ولكن الإشكال يبقى قائما بالنسبة للقانون الواجب التطبيق على
تالوقائع السابقة لصدوره .
ويثير هذا الإشكال مسألة تنازع القوانين من حيث الزمان .
ويقتضي مبدأ الشرعية عدم جواز متابعة فرد من أجل سلوك ارتكبه إلا إذا كان هذا السلوك مجرما
بنص سابق على وقوعه. ويفيد هذا المبدأ عدم جواز تطبيق القانون الجديد على الوقائع التي سبقت
صدوره.إلا أن هذا المبدأ لا يؤخر به على إطلاقه إذ يكاد يجمع الفقه والقضاء وما يرثهم في ذلك بعض
التشريعات على جواز تطبيق القانون الجديد بأثر رجعي إذا كان أصلح للمتهم.وقد نص قانون العقوبات
الجزائري في المادة الثانية منه على ذلك.
ولعل من أهم تطبيقات القانون الأصلي للمتهم ما يلي:
1 أن ينص القانون الجديد على تخفيض العقوبة مع الإبقاء على تجريم الفعل: هذه الحال يطبق
هذا القانون على الجرم المرتكب قبل صدوره باعتباره الأصلح للمتهم شريطة أن يكون القانون الجديد قد
صدر قبل الحكم نهائيا على المتهم وفقا للقانون القديم.فإذا ما صدر حكم نهائي على المتهم في ظل القانون
القديم فلا يطبق القانون الجديد ولو كان الأصلح للمتهم.
2 أن يجعل القانون الجديد من الفعل الذي ارتكبه المتهم غير معاقب عليه:
أي مباحا، ففي هذه الحال يطبق هذا القانون بأثر رجعي باعتباره الأصلح للمتهم على الفعل الذي ارتكبه
المتهم قبل صدوره،حتى ولو كان قد صدر في حقه حكما نهائيا وفقا للقانون القديم، وقبل صدور القانون
الجديد.
وأما فيما يتعلق بالنظام المكاني للنص التجريمي: فيحكمه مبدأ أصلي وهو مبدأ إقليمية القانون
الجنائي،ومبادئ احتياطية وهي مبدأ عينية النص الجنائي ومبدأ شخصية النص الجنائي،ومبدأ عالمية النص
الجنائي،نتناولها فيما يلي لبعض من التفصيل.
1 المبدأ الأصلي: مبدأ إقليمية القانون: تنص المادة 3 من قانون العقوبات على أن يطبق قانون
العقوبات على كافة الجرائم التي ترتكب في أراضي الجمهورية، ويعني أراضي الجمهورية، وإقليم الدولة
الجزائرية وفقا للمبادئ العامة في القانون الدولي العام الإقليم البري الذي تحدده الحدود السياسية
للدولة،والإقليم البحري الذي يشمل المياه الإقليمية للدولة، والإقليم الجوي الذي يشمل طبقات الجو الذي يعلو
الإقليمين البري و البحري للدولة ،وقد تولى قانون الإجراءات الجزائية بيان مكان وقوع الجريمة استنادا
إلى مبدأ إقليمية القانون بأن نص في المادة 586 منه على أن تعد مرتكبة في الإقليم الجزائري كل جريمة
يكون عمل من الأعمال المميزة لأحد أركانها المكونة لها قد تم في الجزائر.
ونص في المادة 590 من قانون الإجراءات الجزائية على أن تختص الجهات القضائية الجزائرية
بالنظر في الجنايات والجنح التي ترتكب في عرض البحر على بواخر تحمل الراية الجزائرية أيا كانت
جنسية مرتكبيها .وكذلك الشأن بالنسبة للجنايات والجنح التي ترتكب في ميناء بحرية جزائرية على ظهر
باخرة تجارية أجنبية.
ونص في المادة 591 من قانون الإجراءات الجزائية الجزائرية على أن تختص الجهات القضائية
الجزائرية بنظر الجنايات والجنح التي ترتكب على متن طائرات جزائرية أيا كانت جنسية مرتكب الجريمة
. كما أنها تختص أيضا بنظر الجنايات أو الجنح التي ترتكب على متن طائرات أجنبية إذا كان الجاني أو
المجني عليه جزائري الجنسية أو إذا هبطت الطائرة بالجزائر يعد وقوع الجناية أو الجنحة.
وإذا كان مبدأ إقليمية النص التجريمي يعني أن يخضع كل من أرتكب فعلا جرميا على إقليم الدولة
يخضع لقانون العقوبات لهذه الدولة ولو لم يكن من رعاياها الذين يحملون جنسيتها، فأن هذا المبدأ يرد
عليه استثناء إذا كانت الجريمة صادرة ممن له صفة معينة تجعله غير خاضع لقضاء الدولة سواء أكان من
المواطنين أو من الأجانب ومن الأشخاص المعينون فهذا الاستثناء هم عموما: رئيس الدولة وأعضاء
المجالس النيابية ورؤساء الدول الأجنبية ورجال السلك الدبلوماسي.
2 المبادئ الاحتياطية : وهي مبدأ عينية النص التجريمي، ومبدأ شخصية النص التجريمي ومبدأ
عالمية النص التجريمي نعرضها في ما يلي :
أ مبدأ عينية النص التجريمي : يقوم هذا المبدأ على وجوب سريان قانون الدولة على الجرائم
التي ترتكب خارج إقليمها ، والتي تشكل اعتداء على مصالحها بصرف النظر عن جنسية مرتكبها وقد حدد
المشرع الجزائري الحالات التي يطبق عليها قانون العقوبات الجزائري بصرف النظر عن جنسية مرتكبها
، بأن النص في المادة 588 من قانون الإجراءات الجزائية على أن كل أجنبي ارتكب خارج الإقليم
الجزائري بصفة فاعل أصلي أو بشريك .
في جناية أو جنحة ضد سلامة الدولة الجزائرية أو تزييفا لنقود أو أوراق مصرفية وطنية متداولة
قانون بالجزائر تجوز متابعته ومحاكمته وفقا لأحكام القانون الجزائري إذا ألقي عليه القبض في الجزائر،
أو حصلت الحكومة على تسليمه لها .
ب مبدأ شخصية النص التجريمي: يقوم هذا المبدأ على وجوب سريان قانون الدولة على من يحمل
جنسيتها ولو ارتكب جريمة خارج إقليمها .
ويميز المشرع الجزائري في تطبيقه لمبدأ شخصية النص التجريمي بين أن تكون الواقعة المرتكبة من
طرف الجزائري في الخارج جناية أو جنحة ، بأن خص كلا منهما بنص خاص . بأن
نص في المادة 582 من قانون الإجراءات الجزائية فيما يخص الجناية على أن كل واقعة موصوفة بأنها
جناية معاقب عليها من القانون الجزائري في خارج إقليم الجمهورية يجوز أن يتابع ويحكم فيها في
الجزائر .غير أنه لا يجوز أن تجرى المحاكمة أو المتابعة إلا إذا عاد الجاني إلى الجزائر ولم يثبت أنه
حكم عليه نهائيا في الخارج وأن يثبت في حالة الحكم بالإدانة أنه قض العقوبة أو سقطت عنه بالتقادم أو
حصل على العفو العام .
ونص في المادة 583 من قانون الإجراءات الجزائية فيما ينص بالجنحة على أن كل واقعة موصوفة
بأنها جنحة سواء في نظر القانون الجزائري أو في نظر تشريع القطر الذي ارتكب فيه يجوز المتابعة من
أجلها والحكم فيها في الجزائر إذا كان مرتكبها جزائريا.ولا يجوز أن تجرى المحاكمة أو يصدر الحكم إلا
بالشروط المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة 582 . وعلاوة على ذلك فلا يجوز أن تجرى المتابعة
في حالة ما إذا كانت الجنحة مرتكبة ضد أحد الأفراد الأبناء على طلب النيابة العامة بعد إخطارها بشكوى
من الشخص المضرور أو ببلاغ من سلطات القطر الذي ارتكب الجريمة فيه.
ج مبدأ عالمية النص التجريمي : يقوم هذا المبدأ على وجوب سريان قانون الدولة التي يلقى فيها
القبض على المجرم بصرف النظر عن جنسيته ومكان ارتكاب الجريمة باعتبارها تمس الجماعة الدولة.
وتشكل بالتالي اعتداءا على مصلحة مشتركة لكل الدول بما في ذلك الدولة التي تم فيها القبض على
المتهم .ولا يوجد في القانون الجزائري ما يفيد أن المشرع الجزائري قد تبنى هذا المبدأ شأنه في ذلك شأن
معظم التشريعات المقارنة.
فنص في المادة 39 من قانون العقوبات على أن لا جريمة إذا كان الفعل قد أمر أو أذن به
القانون، وإذا كان الفعل قد دفعت إليه الضرورة الحالة للدفاع المشروع على النفس أو عن الغير أو عن
المال مملوك للشخص أو للغير يشرط أن يكون الدفاع متناسبا مع جسامة الاعتداء .
ونص في المادة 40 من قانون العقوبات على أن يدخل ضمن حالات الضرورة الحالة للدفاع المشروع
، القتل أو الجرح أو الضرب الذي يرتكب لدفاع اعتداء على حياة الشخص أو سلامة جسمه أو المنع تسلق
الحواجز أو الحيطان أو مداخل المنازل أو الأماكن المسكونة أو توابعها أو كسر شيء منها أثناء الليل
.والفعل الذي يرتكب للدفاع عن النفس أو عن الغير ضد مرتكبي السرقة أو النهب بالقوة.
يستفد من نص المادتين 39 و 40 من القانون العقوبات أن المشرع الجزائري حصر أسباب الإباحة
فيما يأمر به القانون أو يأذن به وفي الدفاع الشرعي ، نعرضهما فيما يلي :
أمر القانون أو إذنه : يقصد بأمر القانون جميع النصوص التشريعية علاوة على اللوائح في حالات
معينة، ويتخذ بتقيد أمر القانون بشكل التنفيذ المباشر لأمر القانون .ومثال ما يتضمنه قانون الصحة
نصوص توجب على الطبيب التبليغ على حالة مرض معدي ، ولا يعد هذا التبليغ جريمة إفشاء أسرار
المهنة المعاقب عليها بنص المادة 301 من قانون العقوبات .
وتتخذ تنفيذ الأمر الصادر من سلطة مختصة ، ومثاله أن يقوم الموظف المختص بتنفيذ حكم الإعدام
بناء على أمر السلطة المختصة . فتنفيذكم الإعدام لا يعد جريمة قتل طبقا لأحكام المادة 254 وما يعدها من
قانون العقوبات .
ويقصد بإذن القانون ترخيص القانون لصاحب الحق في أن يستعمل حقه . ويشترط في ممارسة الحق
كسبب إباحة، وجود الحق مهما كان مصدره،وأن يلتزم صاحب الحق في استعماله لحقه حدود هذا الحق ،
وتمثل قيود الحق في ممارسة الحق بواسطة صاحبه ، وأن تكون الأفعال التي أتاها لازمة لممارسة الحق ،
وأن يتوفر صاحب الحق في استعماله حسن النية.
* الدفاع الشرعي : ويقصد بالدفاع الشرعي استعمال قدر لازم من القوة لرد اعتداء حال غير
مشروع على النفس أو المال ولا يتحقق الدفاع الشرعي إلا بتوافر شروط في العدوان وشوط في فعل
الدفاع .
أما الشروط الخاصة بالعدوان أي الخطر أن يكون حالا بألا يكون احتماليا أو منذرا بخطر مستقبلا،
وأن يكون العدوان أو الخطر غير مشروع ، ويعتبر الخطر غير مشروع إذا كان يهدد باعتداء على حق
يحميه نص تجريمي ، فلا دفاع شرعي إذا كان الفعل مباحا .وأن يقع العدوان أو الخطر على حق يحميه
ونص تجريمي ويستوي في ذلك أن يكون العدوان على النفس والمال..
وأما الشروط المتطلبة في فعل الدفاع الذي يتمثل في إتيان المعتدى عليه سلوك لصد الخطر الذي يهدد
الحق الذي يحميه النص التجريمي ، وأن يكون فعل الدفاع لازما لصد الخطر من جهة، ومتناسبا معه من
جهة أخرى.
ويكون فعل الدفاع لازما لردأ العدوان أو الخطر إذا وجد عدوان وقت الدفاع، وكأن هذا الفعل هو
الوسيلة الوحيدة لصد العدوان، ويكون فعل الدفاع متناسبا مع العدوان إذا كان متناسبا مع جسامته، ذلك أن
ممارسته ضد الدفاع الشرعي مرهونة بالتزام حدوده والإخراج المدافع عن دائرة المباح وسقط في دائرة
المخطور ويقع على عاتق من يتمسك بالدفاع الشرعي عبء إقامة الدليل على قيامه.
الفصل الثالث : نماذج من الجرائم .
تخصيص هذا الفصل لدراسته نماذج من الجرائم تتمثل أساسا في جريمة اختلاس الموظف العام
لأموال عمومية ، و جريمة الرشوة ، و جريمة إصدار شيك بدون رصيد ، على أنّ تخصص لكل منها
قسما مستقلا .
المبحث الأول : جريمة اختلاس الأموال العمومية .
تنص المادة 119 من قانون العقوبات على أنه " يتعرض القاضي أو الموظف أو الضابط العمومي
الذي يختلس أو يبدد أو يحتجز عمد و بدون وجه حق أو يسوق أموالا عمومية أو خاصة أو أشياء تقوم
مقامها أو وثائق أو سندات أو عقودا أو أموالا منقولة وضعت تحت يده سواء بمقتضى وظيفته أو بسببها:
1 للحبس من سنة إلى خمس سنوات إذا كانت قيمة الأشياء المختلسة أو المبددة أو المحتجزة أو
المسروقة أقل من 100.000 د ج .
2 للسجن من سنتين إلى عشر سنوات إذا كانت القيمة التي تعادل أو تفوق مبلغ 100.000 د ج و تقل عن
300.000 د ج .
3 للسجن المؤقت من خمس سنوات إلى عشر سنوات إذا كانت القيمة أو تفوق مبلغ 300.000 دج ، و تقل
. عن 1000.000
4 للسجن المؤقت من عشر سنوات إلى عشرين سنة إذا كانت تعادل أو تفوق مبلغ 1.000.000 دج و تقل
. عن 3.000.000
. 5 للسجن المؤبد إذا كانت القيمة تعادل مبلغ 3.000.000
6 للحكم بالإعدام إذا كان اختلاس أو تبذير أو حجز أو سرقة الأموال المشار إليها أعلاه من طبيعتها أن
تضر بمصالح الوطن العليا.
و يتعرض كذلك للعقوبات المنصوص عليها أعلاه كل شخص تحت أية تسمية و في نطاق أي
إجراء يتولى و لو مؤقتا وظيفة أو وكالة بأجر أو بدون أجر و يسهم بهذه الصفة في خدمة الدولة أو
الجماعات المحلية أو المؤسسات أو الهيئات الخاضعة للقانون العام أو المؤسسات الاقتصادية العمومية أو
أي هيئة أخرى خاضعة للقانون الخاص معهد بإدارة مرفق عام ، يختلس أو يبدد أو يحتجز عمدا و بدون
وجه حق أو يسرق أموالا عمومية أو خاصة أو أشياء تقوم مقامها أو وثائق أو سندات أو عقودا أو أموالا
منقولة وضعت تحت يده سواء بمقتضى وظيفته أو بسببها .
يستفاد من نص المادة 119 ق ع أنّ اختلاس الأموال العمومية أو الخاصة من طرف الموظف
العمومي أو من في حكمه يكون جنحة إذا كانت قيمة الأشياء المختلسة أقل من 100.000 دج ، و يكون جناية
إذا كانت قيمة الأشياء المختلسة تزيد عن هذا المبلغ و في الأحوال أخرى المنصوص عليها في هذه المادة
.
و يشترط لتحقيق جريمة اختلاس الموظف للأموال العمومية الشروط التالية :
1 أن يكون الفاعل موظفا أو من في حكمه : و قد حددت الفقرة السابعة من المادة 119 ق ع الأشخاص
الذين يعتبرون في حكم الموظف و الذين تسري عليهم نفس الأحكام .
و يجب أن تتوافر صفة الموظف أو من في حكمه في الفاعل حتى يمكن نسبته الجريمة إليه ، فلا
تقوم الجريمة إذا انتفت عن الفاعل صفة الموظف العام أو من في حكمه ، أو أن يكون المال قد دخل في
حوزته بدون أن يكون لوظيفته شأن في تلك الحيازة كأن يكون الفاعل موظفا عاما و لكن لا شأن له بحيازة
أموال لحساب الدولة ، و يرتبط تحديد توافر صفة الفاعل كموظف مختص أو من في حكمه يوقف ارتكاب
فعل الاختلاس .
و يستوي أن يقع الاختلاس أو التبذير أو الاحتجاز على المال العام و هو الأصل أو على المال
الخاص و هو الاستثناء ، أو على وثائق و سندات و عقود.
3 أن تكون الأموال العامة أو الخاصة قد سلمت للموظف العام أو من في حكمه بمقتضى وظيفته أو
بسببها : أي لابد من قيام علاقة سببية بين حيازة الموظف العام أو من في حكمه للمال و بين وظيفته كان
يتسلم الموظف المال بمقتضى قوانين الوظيفة ، أو كانت وظيفته تسمح له باستلام المال كمصادرة رجل
الأمن الأشياء المتحصلة من جريمة : لإغذا استولى الموظف العام على مال عام بدون أية صفة تجعله
صاحب حق في الاستيلاء على المال ثم تصرف فيه فلا يعد تصرفه اختلاسا و إنما سرقة عادية لا تطبق
عليها المادة 119 ق ع.
،إذ يهدف تكييف الوقائع إلى البحث في مدى توافر التطابق بين الواقعة المرتكبة أو السلوك المرتكب مع
الواقعة النموذجية أو السلوك النموذجي الذي يتضمنه النص التجريمي.
وتتجلى أهمية التكييف في أن ثبوت عدم التطابق بين السلوك المرتكب والسلوك النموذجي من
شأنه أن يؤدي لزاما إلى إستيعاد النص التجريمي، وتتجلى أيضا في أن ثبوت التطابق من شأنه أن يحدد
العقاب والنظام الإجرامي، فالقاضي ملزم بتطبيق العقاب في حدود سلطته التقديرية .
2 تفسير النص التجريمي : يقتضي مبدأ الشرعية أن تفسير النصوص تفسيرا يحافظ على
التوازن بين مصلحة الأفراد ومصلحة المجتمع يضاف إلى ذلك أن خصوصية ذاتية قانون العقوبات تستلزم
أن يخضع تفسير نصوصه لأساليب خاصة.
ويعتبر التفسير القضائي أهم تفسير للنص التجريمي، وهو تفسير يقوم به القاضي أثناء تطبيق النص
التجريمي على الوقائع المعروضة عليه ويكاد يجمع الفقه والقضاء على أن تفسير النص التجريمي يجب أن
يكون تفسيرا ضيقا لا يجيز التوسع. وهو التفسير الذي يدعمه مبدأ الشرعية مع مراعاة إرادة المشرع
وقصده.
3 صلاحية القاضي في إستيعاد النص التجريمي خدمة للشرعية: لا يكفي تطابق السلوك المرتكب
مع السلوك النموذجي الذي يتضمنه النص التجريمي لقيام الركن الشرعي للجريمة، ذلك أن الركن الشرعي
يتطلب علاوة على ذلك أن يكون النص التجريمي نفسه صالحا للتطبيق على السلوك المرتكب. وتتأكد هذه
الصلاحية من خلال مراعاة الحدود الزمنية والمكانية لسريانه، وهذا ما يعبر عنه بالنطاق الزمني والنطاق
المكاني لتطبيق النص التجرمي.
أما فيما يتعلق بالنظام الزمني للنص التجريمي فإن المشكلة تثور في حالة وقوع جريمة في ظل قانون
ثم يصدر قانون جديد يعدل أو يلغي القانون القديم الذي ارتكب في ظله الجريمة. فلا خلاف في أن القانون
الجديد يطبق على الواقعة اللاحقة لصدوره، ولكن الإشكال يبقى قائما بالنسبة للقانون الواجب التطبيق على
تالوقائع السابقة لصدوره .
ويثير هذا الإشكال مسألة تنازع القوانين من حيث الزمان .
ويقتضي مبدأ الشرعية عدم جواز متابعة فرد من أجل سلوك ارتكبه إلا إذا كان هذا السلوك مجرما
بنص سابق على وقوعه. ويفيد هذا المبدأ عدم جواز تطبيق القانون الجديد على الوقائع التي سبقت
صدوره.إلا أن هذا المبدأ لا يؤخر به على إطلاقه إذ يكاد يجمع الفقه والقضاء وما يرثهم في ذلك بعض
التشريعات على جواز تطبيق القانون الجديد بأثر رجعي إذا كان أصلح للمتهم.وقد نص قانون العقوبات
الجزائري في المادة الثانية منه على ذلك.
ولعل من أهم تطبيقات القانون الأصلي للمتهم ما يلي:
1 أن ينص القانون الجديد على تخفيض العقوبة مع الإبقاء على تجريم الفعل: هذه الحال يطبق
هذا القانون على الجرم المرتكب قبل صدوره باعتباره الأصلح للمتهم شريطة أن يكون القانون الجديد قد
صدر قبل الحكم نهائيا على المتهم وفقا للقانون القديم.فإذا ما صدر حكم نهائي على المتهم في ظل القانون
القديم فلا يطبق القانون الجديد ولو كان الأصلح للمتهم.
2 أن يجعل القانون الجديد من الفعل الذي ارتكبه المتهم غير معاقب عليه:
أي مباحا، ففي هذه الحال يطبق هذا القانون بأثر رجعي باعتباره الأصلح للمتهم على الفعل الذي ارتكبه
المتهم قبل صدوره،حتى ولو كان قد صدر في حقه حكما نهائيا وفقا للقانون القديم، وقبل صدور القانون
الجديد.
وأما فيما يتعلق بالنظام المكاني للنص التجريمي: فيحكمه مبدأ أصلي وهو مبدأ إقليمية القانون
الجنائي،ومبادئ احتياطية وهي مبدأ عينية النص الجنائي ومبدأ شخصية النص الجنائي،ومبدأ عالمية النص
الجنائي،نتناولها فيما يلي لبعض من التفصيل.
1 المبدأ الأصلي: مبدأ إقليمية القانون: تنص المادة 3 من قانون العقوبات على أن يطبق قانون
العقوبات على كافة الجرائم التي ترتكب في أراضي الجمهورية، ويعني أراضي الجمهورية، وإقليم الدولة
الجزائرية وفقا للمبادئ العامة في القانون الدولي العام الإقليم البري الذي تحدده الحدود السياسية
للدولة،والإقليم البحري الذي يشمل المياه الإقليمية للدولة، والإقليم الجوي الذي يشمل طبقات الجو الذي يعلو
الإقليمين البري و البحري للدولة ،وقد تولى قانون الإجراءات الجزائية بيان مكان وقوع الجريمة استنادا
إلى مبدأ إقليمية القانون بأن نص في المادة 586 منه على أن تعد مرتكبة في الإقليم الجزائري كل جريمة
يكون عمل من الأعمال المميزة لأحد أركانها المكونة لها قد تم في الجزائر.
ونص في المادة 590 من قانون الإجراءات الجزائية على أن تختص الجهات القضائية الجزائرية
بالنظر في الجنايات والجنح التي ترتكب في عرض البحر على بواخر تحمل الراية الجزائرية أيا كانت
جنسية مرتكبيها .وكذلك الشأن بالنسبة للجنايات والجنح التي ترتكب في ميناء بحرية جزائرية على ظهر
باخرة تجارية أجنبية.
ونص في المادة 591 من قانون الإجراءات الجزائية الجزائرية على أن تختص الجهات القضائية
الجزائرية بنظر الجنايات والجنح التي ترتكب على متن طائرات جزائرية أيا كانت جنسية مرتكب الجريمة
. كما أنها تختص أيضا بنظر الجنايات أو الجنح التي ترتكب على متن طائرات أجنبية إذا كان الجاني أو
المجني عليه جزائري الجنسية أو إذا هبطت الطائرة بالجزائر يعد وقوع الجناية أو الجنحة.
وإذا كان مبدأ إقليمية النص التجريمي يعني أن يخضع كل من أرتكب فعلا جرميا على إقليم الدولة
يخضع لقانون العقوبات لهذه الدولة ولو لم يكن من رعاياها الذين يحملون جنسيتها، فأن هذا المبدأ يرد
عليه استثناء إذا كانت الجريمة صادرة ممن له صفة معينة تجعله غير خاضع لقضاء الدولة سواء أكان من
المواطنين أو من الأجانب ومن الأشخاص المعينون فهذا الاستثناء هم عموما: رئيس الدولة وأعضاء
المجالس النيابية ورؤساء الدول الأجنبية ورجال السلك الدبلوماسي.
2 المبادئ الاحتياطية : وهي مبدأ عينية النص التجريمي، ومبدأ شخصية النص التجريمي ومبدأ
عالمية النص التجريمي نعرضها في ما يلي :
أ مبدأ عينية النص التجريمي : يقوم هذا المبدأ على وجوب سريان قانون الدولة على الجرائم
التي ترتكب خارج إقليمها ، والتي تشكل اعتداء على مصالحها بصرف النظر عن جنسية مرتكبها وقد حدد
المشرع الجزائري الحالات التي يطبق عليها قانون العقوبات الجزائري بصرف النظر عن جنسية مرتكبها
، بأن النص في المادة 588 من قانون الإجراءات الجزائية على أن كل أجنبي ارتكب خارج الإقليم
الجزائري بصفة فاعل أصلي أو بشريك .
في جناية أو جنحة ضد سلامة الدولة الجزائرية أو تزييفا لنقود أو أوراق مصرفية وطنية متداولة
قانون بالجزائر تجوز متابعته ومحاكمته وفقا لأحكام القانون الجزائري إذا ألقي عليه القبض في الجزائر،
أو حصلت الحكومة على تسليمه لها .
ب مبدأ شخصية النص التجريمي: يقوم هذا المبدأ على وجوب سريان قانون الدولة على من يحمل
جنسيتها ولو ارتكب جريمة خارج إقليمها .
ويميز المشرع الجزائري في تطبيقه لمبدأ شخصية النص التجريمي بين أن تكون الواقعة المرتكبة من
طرف الجزائري في الخارج جناية أو جنحة ، بأن خص كلا منهما بنص خاص . بأن
نص في المادة 582 من قانون الإجراءات الجزائية فيما يخص الجناية على أن كل واقعة موصوفة بأنها
جناية معاقب عليها من القانون الجزائري في خارج إقليم الجمهورية يجوز أن يتابع ويحكم فيها في
الجزائر .غير أنه لا يجوز أن تجرى المحاكمة أو المتابعة إلا إذا عاد الجاني إلى الجزائر ولم يثبت أنه
حكم عليه نهائيا في الخارج وأن يثبت في حالة الحكم بالإدانة أنه قض العقوبة أو سقطت عنه بالتقادم أو
حصل على العفو العام .
ونص في المادة 583 من قانون الإجراءات الجزائية فيما ينص بالجنحة على أن كل واقعة موصوفة
بأنها جنحة سواء في نظر القانون الجزائري أو في نظر تشريع القطر الذي ارتكب فيه يجوز المتابعة من
أجلها والحكم فيها في الجزائر إذا كان مرتكبها جزائريا.ولا يجوز أن تجرى المحاكمة أو يصدر الحكم إلا
بالشروط المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة 582 . وعلاوة على ذلك فلا يجوز أن تجرى المتابعة
في حالة ما إذا كانت الجنحة مرتكبة ضد أحد الأفراد الأبناء على طلب النيابة العامة بعد إخطارها بشكوى
من الشخص المضرور أو ببلاغ من سلطات القطر الذي ارتكب الجريمة فيه.
ج مبدأ عالمية النص التجريمي : يقوم هذا المبدأ على وجوب سريان قانون الدولة التي يلقى فيها
القبض على المجرم بصرف النظر عن جنسيته ومكان ارتكاب الجريمة باعتبارها تمس الجماعة الدولة.
وتشكل بالتالي اعتداءا على مصلحة مشتركة لكل الدول بما في ذلك الدولة التي تم فيها القبض على
المتهم .ولا يوجد في القانون الجزائري ما يفيد أن المشرع الجزائري قد تبنى هذا المبدأ شأنه في ذلك شأن
معظم التشريعات المقارنة.
فنص في المادة 39 من قانون العقوبات على أن لا جريمة إذا كان الفعل قد أمر أو أذن به
القانون، وإذا كان الفعل قد دفعت إليه الضرورة الحالة للدفاع المشروع على النفس أو عن الغير أو عن
المال مملوك للشخص أو للغير يشرط أن يكون الدفاع متناسبا مع جسامة الاعتداء .
ونص في المادة 40 من قانون العقوبات على أن يدخل ضمن حالات الضرورة الحالة للدفاع المشروع
، القتل أو الجرح أو الضرب الذي يرتكب لدفاع اعتداء على حياة الشخص أو سلامة جسمه أو المنع تسلق
الحواجز أو الحيطان أو مداخل المنازل أو الأماكن المسكونة أو توابعها أو كسر شيء منها أثناء الليل
.والفعل الذي يرتكب للدفاع عن النفس أو عن الغير ضد مرتكبي السرقة أو النهب بالقوة.
يستفد من نص المادتين 39 و 40 من القانون العقوبات أن المشرع الجزائري حصر أسباب الإباحة
فيما يأمر به القانون أو يأذن به وفي الدفاع الشرعي ، نعرضهما فيما يلي :
أمر القانون أو إذنه : يقصد بأمر القانون جميع النصوص التشريعية علاوة على اللوائح في حالات
معينة، ويتخذ بتقيد أمر القانون بشكل التنفيذ المباشر لأمر القانون .ومثال ما يتضمنه قانون الصحة
نصوص توجب على الطبيب التبليغ على حالة مرض معدي ، ولا يعد هذا التبليغ جريمة إفشاء أسرار
المهنة المعاقب عليها بنص المادة 301 من قانون العقوبات .
وتتخذ تنفيذ الأمر الصادر من سلطة مختصة ، ومثاله أن يقوم الموظف المختص بتنفيذ حكم الإعدام
بناء على أمر السلطة المختصة . فتنفيذكم الإعدام لا يعد جريمة قتل طبقا لأحكام المادة 254 وما يعدها من
قانون العقوبات .
ويقصد بإذن القانون ترخيص القانون لصاحب الحق في أن يستعمل حقه . ويشترط في ممارسة الحق
كسبب إباحة، وجود الحق مهما كان مصدره،وأن يلتزم صاحب الحق في استعماله لحقه حدود هذا الحق ،
وتمثل قيود الحق في ممارسة الحق بواسطة صاحبه ، وأن تكون الأفعال التي أتاها لازمة لممارسة الحق ،
وأن يتوفر صاحب الحق في استعماله حسن النية.
* الدفاع الشرعي : ويقصد بالدفاع الشرعي استعمال قدر لازم من القوة لرد اعتداء حال غير
مشروع على النفس أو المال ولا يتحقق الدفاع الشرعي إلا بتوافر شروط في العدوان وشوط في فعل
الدفاع .
أما الشروط الخاصة بالعدوان أي الخطر أن يكون حالا بألا يكون احتماليا أو منذرا بخطر مستقبلا،
وأن يكون العدوان أو الخطر غير مشروع ، ويعتبر الخطر غير مشروع إذا كان يهدد باعتداء على حق
يحميه نص تجريمي ، فلا دفاع شرعي إذا كان الفعل مباحا .وأن يقع العدوان أو الخطر على حق يحميه
ونص تجريمي ويستوي في ذلك أن يكون العدوان على النفس والمال..
وأما الشروط المتطلبة في فعل الدفاع الذي يتمثل في إتيان المعتدى عليه سلوك لصد الخطر الذي يهدد
الحق الذي يحميه النص التجريمي ، وأن يكون فعل الدفاع لازما لصد الخطر من جهة، ومتناسبا معه من
جهة أخرى.
ويكون فعل الدفاع لازما لردأ العدوان أو الخطر إذا وجد عدوان وقت الدفاع، وكأن هذا الفعل هو
الوسيلة الوحيدة لصد العدوان، ويكون فعل الدفاع متناسبا مع العدوان إذا كان متناسبا مع جسامته، ذلك أن
ممارسته ضد الدفاع الشرعي مرهونة بالتزام حدوده والإخراج المدافع عن دائرة المباح وسقط في دائرة
المخطور ويقع على عاتق من يتمسك بالدفاع الشرعي عبء إقامة الدليل على قيامه.
الفصل الثالث : نماذج من الجرائم .
تخصيص هذا الفصل لدراسته نماذج من الجرائم تتمثل أساسا في جريمة اختلاس الموظف العام
لأموال عمومية ، و جريمة الرشوة ، و جريمة إصدار شيك بدون رصيد ، على أنّ تخصص لكل منها
قسما مستقلا .
المبحث الأول : جريمة اختلاس الأموال العمومية .
تنص المادة 119 من قانون العقوبات على أنه " يتعرض القاضي أو الموظف أو الضابط العمومي
الذي يختلس أو يبدد أو يحتجز عمد و بدون وجه حق أو يسوق أموالا عمومية أو خاصة أو أشياء تقوم
مقامها أو وثائق أو سندات أو عقودا أو أموالا منقولة وضعت تحت يده سواء بمقتضى وظيفته أو بسببها:
1 للحبس من سنة إلى خمس سنوات إذا كانت قيمة الأشياء المختلسة أو المبددة أو المحتجزة أو
المسروقة أقل من 100.000 د ج .
2 للسجن من سنتين إلى عشر سنوات إذا كانت القيمة التي تعادل أو تفوق مبلغ 100.000 د ج و تقل عن
300.000 د ج .
3 للسجن المؤقت من خمس سنوات إلى عشر سنوات إذا كانت القيمة أو تفوق مبلغ 300.000 دج ، و تقل
. عن 1000.000
4 للسجن المؤقت من عشر سنوات إلى عشرين سنة إذا كانت تعادل أو تفوق مبلغ 1.000.000 دج و تقل
. عن 3.000.000
. 5 للسجن المؤبد إذا كانت القيمة تعادل مبلغ 3.000.000
6 للحكم بالإعدام إذا كان اختلاس أو تبذير أو حجز أو سرقة الأموال المشار إليها أعلاه من طبيعتها أن
تضر بمصالح الوطن العليا.
و يتعرض كذلك للعقوبات المنصوص عليها أعلاه كل شخص تحت أية تسمية و في نطاق أي
إجراء يتولى و لو مؤقتا وظيفة أو وكالة بأجر أو بدون أجر و يسهم بهذه الصفة في خدمة الدولة أو
الجماعات المحلية أو المؤسسات أو الهيئات الخاضعة للقانون العام أو المؤسسات الاقتصادية العمومية أو
أي هيئة أخرى خاضعة للقانون الخاص معهد بإدارة مرفق عام ، يختلس أو يبدد أو يحتجز عمدا و بدون
وجه حق أو يسرق أموالا عمومية أو خاصة أو أشياء تقوم مقامها أو وثائق أو سندات أو عقودا أو أموالا
منقولة وضعت تحت يده سواء بمقتضى وظيفته أو بسببها .
يستفاد من نص المادة 119 ق ع أنّ اختلاس الأموال العمومية أو الخاصة من طرف الموظف
العمومي أو من في حكمه يكون جنحة إذا كانت قيمة الأشياء المختلسة أقل من 100.000 دج ، و يكون جناية
إذا كانت قيمة الأشياء المختلسة تزيد عن هذا المبلغ و في الأحوال أخرى المنصوص عليها في هذه المادة
.
و يشترط لتحقيق جريمة اختلاس الموظف للأموال العمومية الشروط التالية :
1 أن يكون الفاعل موظفا أو من في حكمه : و قد حددت الفقرة السابعة من المادة 119 ق ع الأشخاص
الذين يعتبرون في حكم الموظف و الذين تسري عليهم نفس الأحكام .
و يجب أن تتوافر صفة الموظف أو من في حكمه في الفاعل حتى يمكن نسبته الجريمة إليه ، فلا
تقوم الجريمة إذا انتفت عن الفاعل صفة الموظف العام أو من في حكمه ، أو أن يكون المال قد دخل في
حوزته بدون أن يكون لوظيفته شأن في تلك الحيازة كأن يكون الفاعل موظفا عاما و لكن لا شأن له بحيازة
أموال لحساب الدولة ، و يرتبط تحديد توافر صفة الفاعل كموظف مختص أو من في حكمه يوقف ارتكاب
فعل الاختلاس .
و يستوي أن يقع الاختلاس أو التبذير أو الاحتجاز على المال العام و هو الأصل أو على المال
الخاص و هو الاستثناء ، أو على وثائق و سندات و عقود.
3 أن تكون الأموال العامة أو الخاصة قد سلمت للموظف العام أو من في حكمه بمقتضى وظيفته أو
بسببها : أي لابد من قيام علاقة سببية بين حيازة الموظف العام أو من في حكمه للمال و بين وظيفته كان
يتسلم الموظف المال بمقتضى قوانين الوظيفة ، أو كانت وظيفته تسمح له باستلام المال كمصادرة رجل
الأمن الأشياء المتحصلة من جريمة : لإغذا استولى الموظف العام على مال عام بدون أية صفة تجعله
صاحب حق في الاستيلاء على المال ثم تصرف فيه فلا يعد تصرفه اختلاسا و إنما سرقة عادية لا تطبق
عليها المادة 119 ق ع.
يتبع