Read more: الصفقات العمومية و الجرئم المتعلقة بها في ظل قانون الفساد ( فصل2) - منتديات الحقوق و العلوم القانونية
http://www.droit-dz.com/forum/showthread.php?t=6436#ixzz1jonr1SrN/- الغرض من استغلال نفوذ الأعوان العموميون:
تشترط المادة 26-02 لكي يتحقق الركن المادي للجريمة، أن يستغل الجاني نفوذ أو سلطة أو تأثير أعوان الدولة أو الهيئات التابعة لها، من أجل الزيادة في الأسعار التي يطبقها عادة أو التعديل لصالحه في نوعية المواد أو الخدمات أو آجال التسليم أو التموين.
* الزيادة في الأسعار:
مثال ذلك الأسعار المتعلقة بعقود انجاز الأشغال والتي تحسب على أساس سعر الوحدة وفقا لدفتر الشروط المعد مسبقا، فيتقدم صاحب شركة مقاولة باقتراح أسعار أعلى من تلك المعمول بها في السوق الوطنية مستغلا في ذلك علاقته بمدير المؤسسة أو الهيئة الإدارية أو أحد الأعوان فيها.
* التعديل في نوعية المواد:
ويتعلق الأمر بتعديل نوعية المواد التي تطلبها الإدارة من حيث الجودة والنوعية ( في مجال الصفقات العمومية نوعية المواد المطلوبة يتم النص عليها في دفتر الشروط) فيعمد الجاني إلى تقديم مواد أقل جودة وبنفس الأسعار مستغلا في ذلك سلطة أو تأثير أعوان الإدارة.
* التعديل في نوعية الخدمات:
والأمر يتعلق هنا بصفقات وعقود الخدمات، إذ يقوم الجاني بإبرام عقد أو صفقة مع الدولة أو إحدى المؤسسات أو الهيئات التابعة لها والمذكورة بالمادة 26-02 تخص نوعية معينة من الخدمات مثل: أعمال الصيانة الدورية لأجهزة الكمبيوتر كل شهرين فيقلص الجاني من هذه المدة لتصبح مرة واحدة كل 04 أشهر مستغلا في ذلك علاقته مع أحد أعوان هذه المؤسسات.
* التعديل في آجال التسليم أو التموين:
آجال التسليم أو التموين تخص عقود وصفقات اقتناء اللوازم، وعادة ما يتم النص عليها في دفتر الشروط الخاص بها، وإذا أخل المتعامل المتعاقد بالتزاماته أو تأخر في تسليم ماهو مطلوب منه تفرض عليه غرامات التأخير، فيقوم الجاني بتأخير أجل التسليم أو التموين دون فرض غرامات عليه، مستغلا في ذلك سلطة أو تأثير مسؤول الهيئة أو المؤسسة الذي تربط به علاقة صداقة مثلا. كذلك الأمر بالنسبة لصفقات إنجاز الأشغال حيث يقترح المتعامل المتعاقد مدة لانجاز هذه الأشغال يتم النص عليها في الصفقة فيعمد إلى التأخر في إنجازها دون أسباب جدية.
الفرع الثالث: الركن المعنوي:
جريمة استغلال نفوذ الأعوان العموميون، جريمة عمديه يشترط فيها توافر القصد الجنائي العام والقصد الجنائي الخاص.
يتمثل القصد الجنائي العام في العلم والإرادة، أي علم الجاني بسلطة وتأثير الأعوان العموميون في إبرام الصفقة أو العقد، وإتجاه إرادته إلى استغلال هذه السلطة أو هذا النفوذ لفائدته، ويتمثل القصد الجنائي الخاص في نية الجاني الحصول على امتيازات غير مبررة.
وكغيرها من الجرائم، على القاضي أن يبين في الحكم أركان جريمة استغلال نفوذ الأعوان العموميون من صفة الجاني، وسلطة أو تأثير العون العمومي بالنظر إلى المنصب الذي يشغله وعلاقته بالجاني، وكذا تبيين الركن المعنوي وتوافر القصد الجنائي لدى الجاني من أجل إدانته.
المطلب الثاني: قمع الجريمة
تعاقب المادة 26 من قانون مكافحة الفساد مرتكب جريمة استغلال نفوذ الأعوان العموميون للحصول على امتيازات غير مبررة في مجال الصفقات العمومية بالحبس من سنتين إلى 10 سنوات وبغرامة من 200.000 دج إلى 1000.000 دج، هذا بالنسبة للشخص الطبيعي.
أما بالنسبة لعقوبة الشخص المعنوي، فبإحالة المادة 53 من قانون الفساد على أحكام قانون العقوبات، فإن المادة 18 مكرر منه تنص على أن تكون عقوبة الشخص المعنوي مساوية ل: من مرة(01) إلى خمس(05) مرات الحد الأقصى للغرامة المقررة للشخص الطبيعي، وبالتالي تصبح عقوبة الشخص المعنوي بالنسبة لجريمة استغلال نفوذ الأعوان العمومية غرامة من 1000.000دج إلى 5000.000دج.
وتطبق على هذه الجريمة نفس الأحكام المطبقة على جنحة المحاباة و المتعلقة بتشديد العقوبة و الإعفاء أو التخفيض منها، و مصادرة العائدات الإجرامية و إبطال العقود و الصفقات و المشاركة و الشروع و تقادم الدعوى العمومية و تقادم العقوبة، و المذكورة في المبحث الأول من هذا الفصل، بإعتبار أن أحكامها جاءت في نصوص في قانون الفساد تطبق على جميع جرائم الفساد.
كما تطبق عليها أيضا الأحكام المتعلقة بإجراءات و أساليب المتابعة و التحري.
* مسألة إثبات الجريمة:
يتوقف إثبات هذه الجريمة على إثبات العلاقة الموجودة بين الجاني و عون الدولة الذي استغل فيه الجاني سلطته و تأثيره من أجل إبرام العقد أو الصفقة، لأن مسألة إثبات عنصر الركن المادي المتمثل في الغرض من استغلال نفوذ الأعوان العموميون و المتعلق بالزيادة في الأسعار أو التعديل في نوعية الخدمات أو المواد يمكن أن يتم عن طريق الخبرة.
لذلك يتوجب على القاضي سواء في مرحلة التحقيق أو مرحلة المحاكمة الإطلاع على ملف القضية و دراسته بدقة و مراقبة تصريحات المتهم و الشهود إن وجدوا لمحاولة استخلاص أركان الجريمة و بالتالي الحكم بإدانة الجاني.
المبحث الثالث: جريمتا الرشوة و أخذ فوائد بصفة غير قانونية في مجال الصفقات العمومية:
المطلب الأول: جريمة الرشوة في مجال الصفقات العمومية
نصت على هذه الجريمة المادة 27 من القانون 06-01 المتعلق بالوقاية من الفساد و ومكافحته و التي تنص على: " يعاقب بالحبس من عشر(10) سنوات إلى عشرين(20) سنة و بغرامة من 1000.000 دج إلى 2000.000 دج كل موظف عمومي يقبض أو يحاول أن يقبض لنفسه أو لغيره بصفة مباشرة أو غير مباشرة، أجرة أو منفعة مهما يكن نوعها بمناسبة تحضير أو إجراء مفاوضات قصد أبرام أو تنفيذ صفقة أو عقد أو ملحق بإسم الدولة أو الجماعات المحلية أو المؤسسات العمومية ذات الطابع الإداري أو المؤسسات العمومية ذات الطابع الصناعي و التجاري أو المؤسسات العمومية الاقتصادية"
و يطلق على هذه الجريمة كذلك تسمية قبض العمولات من الصفقات العمومية، و هي الجريمة التي كان ينص عليها قانون العقوبات من خلال المادة 128 مكرر 01 منه والملغاة بموجب قانون الفساد و تعتبر من جرائم المتاجرة بالوظيفة.
تشترك هذه الجريمة مع جريمة رشوة الموظفين العموميون في صورة الرشوة السلبية المنصوص عليها بالمادة 25 فقرة 02 من نفس القانون في بعض أحكامها و تختلف عنها في البعض الآخر، و من خلال تناولنا لأركان هذه الجريمة و الجزاء المقرر لها في الفرعين الآتيين سنجري مقارنة بسيطة بينها.
الفرع الأول: أركان الجريمة:
كغيرها من جرائم الفساد تقوم جريمة الرشوة في مجال الصفقات العمومية على 03 أركان هي:- صفه الجانى( الركن المفترض)-الركن المادى- الركن المعنوى.
أولا/ صفة الجاني:
تقضي المادة 27 من قانون الفساد المذكورة أعلاه أن يكون الجاني في جريمة الرشوة في مجال الصفقات العمومية موظفا عموميا حسب ما هو معرف بالمادة 02-ب- من قانون الفساد و ذلك على النحو الذي سبق بيانه في جنحة المحاباة التي تطرقنا إليها في المبحث الأول من هذا الفصل.
وهي نفس الصفة التي يشترط توافرها في جريمة رشوة الموظفين العموميين في صورة الرشوة السلبية.
ثانيا/ الركن المادي:
يقوم الركن المادي لهذه الجريمة وفقا للمادة 27 على قيام الجاني بقبض أو محاولة قبض أجرة أو منفعة مهما كان نوعها، سواء لنفسه أو لغيره بصفة مباشرة أو غير مباشرة، و ذلك بمناسبة تحضير أو إجراء مفاوضات قصد إبرام أو تنفيذ صفقة أو عقد أو ملحق بإسم الدولة أو الجماعات المحلية أو المؤسسات العمومية الاقتصادية.
وعليه فالركن المادي يقوم على عنصرين هما:
- السلوك الإجرامي.
- المناسبة.
1/- السلوك الإجرامي:
يتمثل في قيام الجاني بقبض أو محاولة قبض أجرة أو منفعة مهما يكن نوعها لنفسه أو لغيره بصفة مباشرة أو غير مباشرة.
* الأجرة أو المنفعة:
لم يحدد المشرع طبيعتهما، غير أنه يمكن القول بأن الأجرة يقصد بها الأجر الذي يمكن أن يتقاضاها أي شخص نتيجة قيامه بعمل معين، ويتمثل عادة فى مبلغ من المال.
أما بالنسبة للمنفعة فهي تمثل الفائدة التي يجنيها الشخص من قيامه بعمل ما.
ويتحقق الفعل مهما كان نوع الأجرة أو المنفعة التي يقبضها الجاني أو يحاول قبضها سواء كانت مادية أو معنوية، محددة أو غير محددة، فقد تكون الأجرة أو المنفعة شيئا ماديا كحصول الجاني على سيارة أو نقود أو شيك...، كما قد تكون معنوية كإجراء دعاية للجاني بغرض فوزه في الانتخابات التي ترشح لها، أو تساهم في ترقيته إلى منصب أعلى من حيث المسؤولية.
وتتفق في ذلك هذه الجريمة مع جريمة رشوة الموظفين العموميين في صورة الرشوة السلبية التي تشترط فيها المادة 25 فقرة 02 طلب أو قبول الجاني لمزية، والتي تأخذ مفهوم الهبة أو الهدية أو أية منافع أخرى مادية كانت أو معنوية، صريحة أو ضمنيه، محددة أو غير محددة، بل و يدخل ضمنها حتى الأجر أو المنفعة.
* المستفيد:
يستوي الأمر من خلال المادة 27 في أن يستفيد الجاني من الأجرة أو المنفعة (العمولة) لنفسه أو لشخص غيره بصفة مباشرة أو غير مباشرة.
فإذا كان الأصل أن يستفيد الجاني من الأجر أو المنفعة لنفسه فإنه من الممكن أن يستفيد منها غيره مثل: أصوله أو فروعه أو أي شخص آخر يعينه، و حتى و إن تسلمها شخص لم يعينه الجاني و علم هذا الأخير بالأمر و لم يبدي اعتراضه، تقوم الجريمة.
وتشترك في ذلك هذه الجريمة مع جريمة الرشوة السلبية التي تقوم على طلب أو قبول الجاني للمزية سواء لنفسه أو لغيره.
2/- المناسبة:
يكتمل تحقق الركن المادي لجريمة الرشوة في مجال الصفقات العمومية بقبض أو محاولة قبض الجاني لأجرة أو فائدة بمناسبة تحضير أو إجراء مفاوضات قصد إبرام أو تنفيذ صفقة أو عقد أو ملحق باسم الدولة أو الجماعات المحلية أو إحدى المؤسسات العمومية المذكورة في نص المادة 27.
وعملية تحضير الصفقات أو العقود أو الملاحق أو إجراء المفاوضات بشأنها يقوم بها عادة الموظفون الذين لهم صلة مباشرة بهذه العمليات و ذلك وفقا لما سبق التطرق إليه من خلال جريمة استغلال نفوذ الأعوان العموميون.
وتجدر الإشارة إلى أن إجراء المفاوضات بشأن صفقة أو عقد أو ملحق، يكون عادة في الصفقات أو العقود التي تبرم وفقا لإجراء التراضي.
وبذلك تكون مناسبة قبض العمولة في هذه الجريمة محددة في تحضير أو إجراء مفاوضات بشأن إبرام صفقة أو عقد أو ملحق، بخلاف الأمر في جريمة الرشوة السلبية التي يكون فيها مقابل الحصول على مزية هو أداء عمل أو الامتناع عن أداء عمل هو من واجبات الجاني مهما كان نوعه.
ثالثا: الركن المعنوي:
يشترط لقيام جريمة الرشوة في مجال الصفقات العمومية توافر القصد الجنائي العام لدى الجاني و يتمثل في العلم و الإدارة، و يتحقق باتجاه إرادة الجاني إلى قبض أو محاولة قبض الأجرة أو المنفعة مع علمه بأنها غير مبررة و غير مشروعة.
الفرع الثاني: قمع الجريمة:
تعاقب المادة 27 من قانون مكافحة الفساد مرتكب جريمة الرشوة في مجال الصفقات العمومية بالحبس من عشرة (10) سنوات إلى عشرين (20) سنة و بغرامة من
1000.000 دج إلى 2000.000 دج، هذا فيما يتعلق بعقوبة الشخص الطبيعي.
أما بالنسبة للشخص المعنوي فبإحالة المادة 53 من قانون الفساد فيما يخص العقوبة المقررة له على أحكام قانون العقوبات، فإن المادة 18 مكرر منه تنص على أن تكون عقوبة الشخص المعنوي في مواد الجنايات و الجنح بغرامة تساوي من مرة (01) إلى خمس (05) مرات الحد الأقصى لعقوبة الغرامة المقررة للشخص الطبيعي، و بما أن جريمة الرشوة في مجال الصفقات العمومية تأخذ وصف الجنحة فإن عقوبة الشخص المعنوي فيها تكون غرامة من 2000.000 دج إلى 10.000.000دج.
وتمثل هذه الأحكام العقوبات الأصلية لجريمة الرشوة في مجال الصفقات العمومية المقررة للشخص الطبيعي أو المعنوي، ويلاحظ عليها أنها تمثل أقصى عقوبات الجرائم المنصوص عليها في قانون مكافحة الفساد سواء بالنسبة لعقوبة الحبس أو الغرامة، إذ أصبحت عقوبة الحبس المقدرة ب: من 10 سنوات إلى 20 سنة مساوية للعقوبة المقررة لباقي جرائم الفساد في حالة تطبيق الظروف المشددة المنصوص عليها بالمادة 48 منه، كما أن عقوبة الغرامة في هذه الجريمة رفعت إلى الضعف سواء في حدها الأدنى أو الأقصى مقارنة بباقي عقوبات الغرامة المقررة لجرائم الفساد الأخرى.
وبذلك تختلف الجزاءات المقررة لهذه الجريمة عند تلك المقررة لجريمة الرشوة السلبية التي يعاقب عليها بالحبس من سنتين إلى 10سنوات وبغرامة من 200.000دج إلى 1000.000دج بالنسبة للشخص الطبيعي وتطبيق عليها نفس الأحكام فيما يتعلق بعقوبة الشخص المعنوي.
وما يستنتج من ذلك أن المشرع إعتبر فعل قبض أو محاولة قبض أجرة أو منفعة في مجال الصفقات العمومية ظرفا مشددا.
وتطبق على جريمة الرشوة في مجال الصفقات العمومية نفس الأحكام المطبقة على جنحة المحاباة فيما يتعلق بالإعفاء أو التخفيض من العقوبة، والعقوبات التكميلية، ومصادرة العائدات الجرمية، والمشاركة، وإبطال العقود والصفقات، وكذا الأحكام المتعلقة بإجراءات المتابعة والتحري.
وتجدرالإشارة إلى إن المادة 27 نصت على محاولة قبض الأجر أو المنفعة من قبل الجاني وعبارة المحاولة هنا تعنى الطلب لهذه الأجرة أو المنفعة بشكل مباشر أو غير مباشر، أو اتخاذ موقف يدل على أن الجاني سعى للحصول على المنفعة أو الأجر . وبذلك يكون المشرع قد نص بشأن هذه الجريمة على الجريمة التامة، والشروع في ارتكاب ركنها المادي بنفس النص، وهذا خلافا لباقي النصوص المتعلقة بجرائم الفساد، وعموما يطبق عليها أحكام الشروع المذكورة في المادة 52 من قانون الفساد لأنه نص يطبق على جميع جرائم الفساد، وذلك على النحو السابق ذكره في جنحة المحاباة.
* الرد:
تنص الفقرة 03 من المادة 51 من قانون الفساد على:" وتحكم الجهة القضائية برد ما تم اختلاسه أو قيمة ما حصل عليه من منفعة أو ربح، ولو إنتقلت إلى أصول الشخص المحكوم عليه أو فروعه أو إخوته أو زوجه أو أصهاره، سواء بقيت تلك الأموال على حالها أو وقع تحويلها إلى مكاسب أخرى"
وعليه ففي حالة الحكم بإدانة الجاني بجريمة الرشوة في مجال الصفقات العمومية يحكم القاضي برد ما تم قبضة من عمولة نظير تقديمه للخدمة سواء كان في يد الجاني أو في يد أحد الأشخاص المذكورين في المادة 51 فقرة 03.
ويفهم من سياق النص أن الرد إلزامي حتى وان خلا من عبارة "يجب".
* تقادم الدعوى العمومية:
تنص المادة 54 في فقرتيها 1و2 من قانون مكافحة الفساد، على أن لا تتقادم الدعوى العمومية في الجرائم المنصوص عليها في هذه القانون في حالة ما إذا تم تحويل عائدات الجريمة إلى الخارج، وفي غير هذه الحالة تطبق أحكام قانون الإجراءات الجزائية.
وبما أن جريمة الرشوة في مجال الصفقات العمومية تلحق بجريمة رشوة الموظفين العموميين نظرا لكون المشرع أعطى لكليهما صفة الرشوة، فيطبق عليهما نص المادة 08 مكرر من قانون الإجراءات الجزائية التي تقضي ب :" لا تنقضي الدعوى العمومية بالتقادم في الجنايات والجنح الموصوفة بأفعال إرهابية أو تخريبية وتلك المتعلقة بالجريمة المنظمة العابرة للحدود الوطنية والرشوة واختلاس الأموال العمومية"
وعليه فان الدعوى العمومية في جنحة الرشوة في مجال الصفقات العمومية غير قابلة للتقادم .
* تقادم العقوبة:
كما هو الحال بالنسبة لتقادم الدعوى العمومية، فإن نص المادة 54 فقرة 1و2 من قانون الفساد تنص على عدم تقادم العقوبة إذا تم تحويل العائدات الجرمية إلى الخارج، وتطبق أحكام ق إ ج في غيرها من الحالات.
وبالرجوع إلى قانون الإجراءات الجزائية نجده ينص من خلال المادة 612 مكرر على :" لاتتقادم العقوبات المحكوم بها فى الجنايات والجنح الموصوفة بأفعال إرهابية وتخريبية وتلك المتعلقة بالجريمة المنظمة العابرة للحدود الوطنية والرشوة".
وعليه فان العقوبة المحكوم بها في حالة الإدانة بجرم الرشوة في مجال الصفقات العمومية لا تخضع للتقادم.
للإشارة فإن نص المادة 128 مكرر-1- من قانون العقوبات الملغاة بموجب قانون الفساد كانت تصف جريمة قبض العمولات من الصفقات العمومية بوصف الجناية، وتعاقب عليها بالسجن المؤقت من 5 سنوات إلى 20سنة وبغرامة من 100.000دج إلى 5000.000دج.
المطلب الثاني : جريمة أخذ فوائد بصفة غير قانونية
نصت على هذه الجريمة المادة 35 من قانون مكافحة الفساد التي تقضي ب:" يعاقب بالحبس من سنتين (02) إلى عشر (10) سنوات وبغرامة من 200.000دج إلى 1000.000دج كل موظف عمومي يأخذ أو يتلقى إما مباشرة وإما بعقد صوري، وإما عن طريق شخص آخر فوائد من العقود أو المزايدات أو المناقصات أو المقاولات أو المؤسسات التي يكون وقت إرتكاب الفعل مديرا لها أو مشرفا عليها بصفة كلية أو جزئية، وكذلك من يكون مكلفا بتصفية أمر ما ويأخذ منه فوائد أيا كانت".
وقد حلت هذه المادة محل المادة 123 من قانون العقوبات، الملغاة بموجب قانون الفساد، ويطلق عليها في التشريع الفرنسي مصطلح:" جنحة التدخل" كما يطلق عليها في إطار الشريع المصري مصطلح " جريمة التربح".
وتكمن هذه الجريمة في تدخل الموظف في الأعمال التي أحيلت عليه إدارتها أو رقابتها، وهو ما يؤدي إلى إستغلال الموظف للوظيفة العامة من خلال العمل على تحقيق مصلحة خاصة من ورائها . وعليه تعد هذه الجريمة من جرائم المتاجرة بالوظيفة، كما أنها تعد مظهر من مظاهر الرشوة، وهي أقرب كذلك إلى الجرائم المتعلقة بالصفقات العمومية لأنها تعد صورة من صورها.
وسنتطرق في دراستها إلى فرعين تخصص الأول لأركان الجريمة والثاني لقمعها.
الفرع الأول: أركان الجريمة:
تقوم هذه الجريمة على 03 أركان هي : -صفة الجاني (الركن المفترض) -الركن المادي –الركن المعنوي.
أولا/ صفة الجاني:
تشترط المادة 35 من قانون الفساد المذكورة آنفا أن تتوفر في الجاني صفة الموظف العمومي، لكنها حصرت الأمر في الموظف الذي يدير أو يشرف بصفة كلية أو جزئية على العقود أو المزايدات أو المناقصات أو المقاولات، أو الموظف الذي يكون مكلفا بإصدار إذن بالدفع في عملية، أو يكون مكلفا بتصفية أمر ما.
وعليه فإن صفة الجاني في هذه الجريمة تشمل الموظف العمومي كما هو معرف بنص المادة 02-ب- من قانون الفساد على النحو السابق بيانه في جريمة منح امتيازات غير مبررة في مجال الصفقات العمومية.
غير أن الأمر محصور في الفئتين الآتيتين:
* الموظف الذي يدير أو يشرف بحكم وظيفته على العقود أو المناقصات أو المزايدات أو المقاولات التي تبرمها المؤسسة أو الهيئة التابع لها:
وتشمل هذه الفئة كل موظف يتولى مسؤولية الإشراف أو الإرادة على هذه العقود أو العمليات المذكورة، وتمنحه هذه المسؤولية سلطة فعلية بشأن هذه العمليات التي يتلقى أو يأخذ منها فوائد بصفة غير مشروعة، وذلك في أية مرحلة كانت عليها العملية، سواء أثناء تحضير العقد أو المناقصة أو المزايدة أو أثناء مرحلة التنفيذ.
ويتعلق الأمر أساسا بمدير الهيئة أو المؤسسة أو رئيس المصلحة أو رئيس المكتب أو أي مهندس أو تقني أو عون إداري له دور يقوم به في هذه العمليات.
* الموظف الذي يكون مكلفا بإصدار إذن بالدفع في عملية ما أو مكلفا بتصفية أمرما:
ويعني به كل موظف يمنح له منصب المسؤولية الذي يتولاه سلطة إصدار إذن بالدفع، وهو بمعنى آخر الأمر بالصرف على مستوى المؤسسة أو الهيئة التي يعمل بها، ويأخذ بمقتضى عمله هذا فائدة غير مشروعة، وينحصر الأمر في مدير الهيئة أو المؤسسة الذي يكون عادة هو الآمر بالصرف أو من ينوب عنه إذا خوله القانون ذلك صراحة، كما يدخل فى هذه الفئة كذلك رؤساء مصالح المحاسبة أو المراقبين الماليين.
ولايهم مصدر إختصاص الموظف بالعمل الذي انتفع منه، فقد يتحدد إختصاصه بناءا على قانون أو لائحة أو قرار أو تكليف من رئيس مختص .
وتجدر الإشارة في هذا الصدد إلى أن المادة 124 ق ع الملغاة بموجب قانون الفساد كانت تقضي بتجريم فعل أخذ فوائد بصفة غير قانونية حتى بعد انتهاء الموظف العمومي من الخدمة بأية طريقة كانت، وهذا خلال الخمس سنوات التالية لتاريخ انتهاء توليه أعمال وظيفته، حيث يحظر عليه خلال هذه الفترة تلقي فائدة من عملية من العمليات التي أشرف عليها أو كانت له سلطة عليها.
ثانيا/ الركن المادي:
يقوم الركن المادي لجريمة أخذ فوائد بصفة غير قانونية على إقدام الجاني على أخذ أو تلقي فائدة من عمل من أعمال وظيفته، تكون له فيها سلطة الإدارة أو الاشراف سواء كانت الفائدة له أو لغيره، وسواء كان ذلك بحق أو بغير وجه حق.
وقد عددت المادة 35 العمليات التي يحظر فيها على الموظف أخذ أو تلقي منها فائدة وهي:
- العقود (les Actes)
- المناقصات(les soumissions)
- المزايدات(les adjudications)
- المقاولات(les Entreprises).
وتجدر الإشارة في هذا الصدد إلى أن النص باللغة العربية، قد أضاف عبارة " أو المؤسسات" كعملية من العمليات المذكورة، ولم يذكر ذلك في النص باللغة الفرنسية، ولا تجد هذه الإضافة في حقيقة الأمر أي تبرير على إعتبار أن المؤسسات لاتعد عملية من العمليات التي يمكن أن يقوم بها الموظف، وربما يكون الأمر سوء ترجمة فقط فمصطلح مؤسسات يلتقي في ترجمته إلى اللغة الفرنسية مع مصطلح مقاولات، واللذان يأخذ نفس الترجمة وهي:"les Entreprises".
ومن ثمة فان السلوك المجرم في هذه الجريمة يأخذ إحدى الصورتين : إما أن يأخذ الجاني فائدة أو يتلقى فائدة من عملية من العمليات المذكورة والتي يديرها أو يشرف عليها، تضاف لهما صورة ثالثة ذكرها المشرع في نص المادة 35 باللغة الفرنسية ولم تذكر في النص باللغة العربية، وهي صورة الاحتفاظ بالفائدة.
* أخذ فائدة:
كأن يحصل الجاني (الموظف) على منفعة من المشروع أو العقد أو الصفقة المزمع إبرامها، ولاتهم في ذلك طبيعة الفائدة فقد تكون مادية أو معنوية، كما لاتهم الطريقة التي تتحقق بها الفائدة، فقد يتفق الجاني مع أحد المرشحين للعقد أو المناقصة أو المزايدة على السعي له لأن يكون هو الفائز بها مقابل الحصول على مبلغ مالي أو أسهم في شركة، أو تمكين أحد أصدقائه أو أقاربه من انجاز جزء من الأشغال المدرجة في العقد أو الصفقة، ويحدث هذا الآمر عادة في عقود انجاز الأشغال التي تجزأ فيها الأشغال.
* تلقي فائدة:
ومعناها أن يتسلم الجاني هذه الفائدة بالفعل، ولايهم وقت التسليم سواء كان أثناء تحضير العملية التي يتلقى بمناسبتها الفائدة أو أثناء تنفيذها، وسواء تم التسليم لشخص الجاني أو لغيره .
* الإحتفاظ بالفائدة:
كأن تكون الفائدة المحتفظ بها قد تم الحصول عليها في الوقت الذي كان فيه الموظف يدير العملية أو يشرف عليها أو مكلف بالأمر بالدفع فيها أو مكلفا بالتصفية.
وتجريم هذه الصورة من شأنه تأخير بدء حساب التقادم فيبدأ حسابه من يوم انتهاء الفعل المجرم وليس من يوم إقتراف الجريمة.
ويتحقق الركن المادي لهذه الجريمة وفقا لنص المادة 35 سواء أخذ أو تلقي الجاني الفائدة بصفة مباشرة كحصوله على مبلغ مالي أو حصوله على بعض الأسهم في الشركة، أو عند طريق عقد صوري كأن يتعاقد مع المؤسسة أو الهيئة التي يشرف عليها أو يديرها باسم وهمي لتزويدها باحتياجاتها من سلعة ما يستوردها من مؤسسة تجارية هي في الحقيقة مملوكة له.
كما يمكن أن يأخذ الجاني أو يتلقى الفائدة عن طريق شخص آخر، قد يكون شريكه أو أي شخص يتفق معه لإرساء العقد أو المزايدة أو المناقصة عليه.
وقد يحدث أيضا أن تكون الفائدة التي يأخذها الجاني مقابل امتناعه عن مطالبة المتعامل المتعاقد في صفقة أو عقد، بالقيام بعمل كان عليه أن يؤديه أو صرف النظر عن أحد شروط العقد الذي يربطه بالمؤسسة المكلف بالإشراف عليها أو إدارتها.
وتقوم عله تجريم فعل اخذ فوائد بصفة غير قانونية في حقيقة الأمر، على أساس أن إختصاص الموظف العمومي يفرض عليه السهر على المصلحة العامة ومباشرة الرقابة على من يتعاقدون مع الدولة أو إحدى الهيئات أو المؤسسات العمومية التابعة لها، أو يؤدون عملا لحسابها، فإذا ربط بين العمل المنوط به وبين مصلحة الخاصة أو المصلحة الخاصة لشخص آخر فإنه لايستطيع أن يؤدي واجبه في الرقابة الذي يفرضه عليه إختصاصه، وإنما سيحابي مصلحته الخاصة عن المصلحة العامة.
وليس من عناصر هذه الجريمة أن ينال الدولة أو إحدى المؤسسات أو الهيئات التابعة لها ضرر وإن كان هذا هو الوضع الغالب، كما أن استفادة الجاني غير مرتبطة بالحصول على ربح، فتتحقق الجريمة حتى وإن لم يحصل على ربح.
كما لا يهم إن نفذت الصفقة أو العقد أو الاتفاقية لذي تم على أساسه أخذ الفائدة أم لم تنفذ، كأن ترفض السلطة المختصة بالرقابة التأشير على الصفقة، فتقوم الجريمة بالرغم من أن العمل المطلوب من الجاني لم يتحقق، وهذا لأسباب خارجة عن إرادته، وقد قضى في فرنسا بمناسبة هذه الحالة بأن هذا الفعل لا يعد شروعا وإنما يشكل جريمة تامة.
ثالثا/ الركن المعنوي:
جريمة اخذ فوائد بصفة غير قانونية هي جريمة عمديه، لذا يشترط لقيام الركن المعنوي فيها توافر قصد جنائي عام لدى الجاني والمتمثل في العلم والإرادة.
فتقتضى هذه الجريمة أن يكون الجاني وقت ارتكاب الجريمة عالما بأنه موظف، و أنه مختص بالإدارة و الإشراف على الأعمال التي أقحم عليها المصلحة الخاصة لنفسه أو غيره، وعالما بأن من شأن فعله تحقيق فائدة أو ربح، و عالما بأنه في حالة تحقيق هذه الفائدة أن ذلك بدون حق.
كما تقتضي هذه الجريمة أن تتجه إرادة الجاني إلى ارتكاب الفعل، فإذا جهل أن إختصاصه يتضمن هذا الفعل ينقضي القصد لديه.
الفرع الثاني: قمع الجريمة:
تنص المادة 35 من قانون مكافحة الفساد على أن يعاقب مرتكب جريمة أخذ فوائد بصفة غير قانونية بالحبس من سنتين (02) إلى عشر سنوات(10) وبغرامة من 200.000دج إلى 1000.000 دج.
وبالنسبة لعقوبة الشخص المعنوي فتنص المادة 53 من قانون الفساد على تطبيق أحكام قانون العقوبات بشأنها، و تنص المادة 18 مكرر منه على أن يطبق على الشخص المعنوي عقوبة الغرامة تساوي من مرة واحدة إلى خمس مرات الحد الأقصى للغرامة المقررة للشخص الطبيعي، و عليه تصبح عقوبة الشخص المعنوي هي الغرامة من: 1000.000دج إلى 5000.000دج.
وتطبق على هذه الجريمة كافة الأحكام المطبقة على جريمة منح امتيازات غير مبررة في مجال الصفقات العمومية و المتعلقة بالظروف المشددة للعقوبة و الإعفاء أو التخفيض منها، و العقوبات التكميلية و مصادرة عائدات الجريمة و المشاركة و الشروع و إبطال العقود و الصفقات، و كذا الأحكام المتعلقة بإجراءات المتابعة و التحري.
كما تطبق عليها أيضا أحكام الرد المشار إليها من خلال جريمة الرشوة في مجال الصفقات العمومية.
* تلازم جنحة أخذ فوائد بصفة غير قانونية مع جنحة منح امتيازات غير مبررة في مجال الصفقات العمومية:
قد يحدث و أن يتابع الجاني بجريمتي أخذ فوائد بصفة غير قانونية و جريمة منح امتيازات غير مبررة في مجال الصفقات العمومية، غير أنه قضي في فرنسا بالمتابعة بجنحة المحاباة فحسب، و من أمثلة ذلك، قضي بإدانة رئيس البلدية من أجل جنحة المحاباة في قضية بوشرت فيها المتابعة من أجل جريمة أخذ فوائد بصفة غير قانونية، بالرغم من أن الصفقة قد خصصت لحرفيين كانوا أعضاء في المجلس البلدي، و ذلك إثر مخالفات تتمثل أساسا في اللجوء إلى مناقضة ضيقة المجال غير مبررة و تعديل العروض بعد فتح الأظرفة.
كما أدين بجنحة المحاباة دون سواها، رئيس البلدية الذي منح بطريقة تعسفية صفقات إلى مؤسسات يديرها ابنه و من بينها واحدة كانت ملكه، بالرغم من أن الأمر يتعلق بأخذ فوائد بصفة غير قانونية كما سبق بيانه.
الخاتمــــة:
من خلال هذه الدراسة الوجيزة والمتواضعة لموضوع الصفقات العمومية والجرائم المتعلقة بها في ظل قانون الفساد، نخلص إلى القول بأن هذه الجرائم لها ميزة خاصة تميزها عن غيرها من الجرائم، إذ لا يكفي فيها معرفة النص القانوني المجرم وأركان كل جريمة للوصول إلى كشف السلوك المجرم وتوجيه الاتهام للجناة، بل أن الأمر يتعداه إلى ضرورة الإلمام بمختلف التقنيات والإجراءات القانونية اللازمة لإبرام وتنفيذ صفقات وعقود المؤسسات والهيئات الإدارية العامة، وهذا بغرض الوصول إلى التكييف القانوني السليم لهذه الجرائم وتحديد المسؤولية الجزائية للجناة، خاصة وأن معظم هذه الجرائم صعبة الإثبات في الواقع العلمي، بالنظر إلى مايقوم به أعوان الإدارة من وسائل احتيالية للتستر على جرائمهم، مستغلين في ذلك نقص إلمام القضاة بمختلف إجراءات إبرام الصفقات، وهذا بالرغم مما أقره قانون الفساد من أساليب للتحري والمتابعة.
وباعتبار تحضير الصفقة أو العقد والقيام بمختلف إجراءاتها، يتطلب تدخل عدة أشخاص وهم في الأصل أعوان الإدارة الذين يعهد إليهم هذا الأمر، فإن إثبات جرائم الصفقات وتحديد المسؤولية الجزائية لكل طرف، يتوقف في نظرنا على ضرورة توافر عدة صفات في كل قاضي يحال إليه ملف متعلق بجريمة من هذه الجرائم سواء أثناء مرحلة التحقيق أو أثناء مرحلة المحاكمة وهي:
- يجب أن يكون ملما الماما كافيا بمختلف أحكام وإجراءات إبرام وتنفيذ الصفقة أو العقد، خاصة ما تعلق منها بالإجراءات الواجب مراعاتها أثناء مرحلة تحضير وإبرام الصفقة أو العقد، وهذا لكون معظم جرائم الصفقات التي جاء بها قانون الفساد تتم في هذه المرحلة.
- ضرورة معرفة كل الوثائق التي يتكون منها ملف الصفقة أو العقد المبرم، والتي يجب طلبها في حالة عدم إدراجها في الملف، وأهمها: -دفتر الشروط-محاضر فتح الأظرفة وتقييم العروض-تقرير المصلحة المتعاقدة بشأن عملية اختيار المتعامل المتعاقد، والذي يحتوي على الأساس المعتمد في عملية الاختيار.
-ضرورة الاطلاع الكافي والدقيق على هذه الوثائق، لأن ذلك من شأنه بالإضافة إلى استجواب كل من له علاقة بالصفقة أو العقد، أن يوصل إلى إثبات وقوع الجريمة من عدمها، والأمر هنا يتعلق أساسا بجريمة منح امتيازات غير مبررة للغير، واستغلال نفوذ الأعوان العموميون بغرض الحصول على امتيازات غير مبررة في مجال الصفقات العمومية.
ولا يتأتى ذلك إلا بضرورة مواصلة التكوين في مجال قانون الأعمال بصفة عامة ومجال الصفقات العمومية بصفة خاصة، والذي بدأت فيه وزارة العدل منذ مدة، وكذا ضرورة الإسراع بتجسيد فكرة الأقطاب القضائية، والتي تتخصص بمعالجة قضايا الفساد بما فيها القضايا المتعلقة بجرائم الصفقات التي جاء بها القانون 06-01 المتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته.
غير أن نقص الاجتهاد القضائي الخاص بهذا النوع من الجرائم، وكذا قلة المراجع المهتمة بتفصيل وشرح قانون الفساد نظرا لحداثة صدوره، بالإضافة إلى حجم العمل الكبير الذي يواجه القضاة ميدانيا، من شأنه أن يقع حجرة عثرة في معالجة هذا النوع من الجرائم، رغم أن الأمر يتعلق بتسيير المال العام، وما يثيره ذلك من صدى إعلامي كبير وتأثير على الرأي العام.
منقول للفائدة