هذا بالنسبة للبيع. كذلك الشأن بالنسبة لقسمة العقار، إذ لابد على النائب
الشرعي للقاصر الحصول على إذن من رئيس المحكمة –هذا من جهة-، و من جهة
ثانية فطبقا للمادة 181 ق.أ فإنه يجب أن تكون القسمة عن طريق القضاء، و
بالتالي فإنه لا يسوغ القيام بالقسمة الاتفاقية، و هذا يعتبر مظهرا من
مظاهر حماية مال القاصر تجنبا لأي إجحاف في حقه أو إنقاص فيه.
أما القانون المصري مثلا(2)فيقر بالقسمة الاتفاقية في حالة وجود قاصر،
لكنه أوجب على الوصي استئذان المحكمة إذا كانت له مصلحة في ذلك، فإذا أذنت
له عينت الأسس التي تجري عليها القسمة و الإجراءات الواجبة الاتباع، ثم
على الوصي أن يعرض عقد القسمة على المحكمة للتثبت من عدالتها، و للمحكمة
في جميع الأحوال أن تقرر اتخاذ إجراءات القسمة القضائية، و في هذه الحالة
تصدق المحكمة الابتدائية التي تتبعها محكمة القسمة على قسمة الأموال إلى
حصص، و لها عند الاقتضاء أن تدعو الخصوم لسماع أقوالهم في جلسة تحدد لذلك،
و إذا رفضت التصديق تعين عليها أن تقسم الأموال إلى حصص على الأسس التي
تراها صالحة بعد دعوة الخصوم.
إلى جانب ذلك، اشترط المشرع حصول النائب الشرعي للقاصر على إذن من رئيس
المحكمة في حالة رهن العقار باعتباره حقا عينيا تبعيا، و ذلك لما لهذا
التصرف من آثار خطيرة.
ــــــــــــــــــــــــ
(1)نفس المرجع. ص 1484.
(2)نفس المرجع. ص 1537-1538
و انظر أيضا : أحمد نصر الجندي. المرجع السابق. ص 1542.
و كذلك الشأن في حالة الصلح، باعتباره عقدا ينهي به الطرفان نزاعا قائما
أو يتوقيان نزاعا محتملا، و ذلك بأن يتنازل كل منهما على وجه التبادل عن
حقه(1)، و هذا قد يشكل ضررا للقاصر.
المنقولات هي الأموال التي يمكن نقلها من مكان إلى آخر دون تلف. و قد
اشترط المشرع في المادة 88 ق.أ على الولي أن يستأذن القاضي في حالة بيع
المنقولات ذات الأهمية الخاصة.
إلا أننا نلاحظ أن المشرع لم يبين ما المقصود بالأهمية الخاصة، مما يجعلها خاضعة للسلطة التقديرية –هذا من جهة-.
و من جهة ثانية، فإن كان المشرع اشترط أن يكون بيع العقار بالمزاد العلني
كما رأينا سابقا، فإنه لم يضع حسب رأينا أي تدبير حماية آخر ما عدا الإذن
المسبق، و بالتالي ما هذا إلا إجراء قبلي شكلي لا يوفر قدرا كافيا من
الحماية، فكان الأفضل مثلا حسب رأينا أن يشترط المشرع عرض العقد على رئيس
المحكمة للتأكد من عدم إجحافه في حق القاصر مالك المنقول، و مدى ملائمة
الثمن، ثم القيام بالتصديق على العقد.
إن إقراض مال الصغير فيه تعطيل لهذا المال لبقائه بدون استثمار(2)، أو فيه
خطورة باعتبار أنه قد تنجر عنه الخسارة، و الولي ممنوع من هذين التصرفين
إلا إذا أذنت بهما المحكمة.
كذلك الشأن بالنسبة للمساهمة في شركة مهما كان نوعها، و هذا لما في الشركة من احتمال الربح أو الخسارة و تحمل الشركاء لهذه الأخيرة.
ــــــــــــــــــــــــ
(1)المادة 459 من القانون المدني.
(2)معوض عبد التواب. المرجع السابق. ص 1488.
لا يجوز للولي أن يقوم بتأجير عقار مملوك للقاصر لمدة تزيد على 03 سنوات
أو تمتد إلى ما بعد بلوغه سن الرشد بسنة إلا بإذن من رئيس المحكمة.
و الملاحظ أن المشرع اقتصر فقط باشتراط ضرورة الحصول على الإذن في إيجار
العقارات و لم ينص على إيجار المحلات التجارية ، بالرغم من أن هذه الأخيرة
قد تكون قيمتها أكبر من العقارات في بعض الأحيان، إضافة إلى ما لهذا
الإيجار من آثار كاكتساب المستأجر للقاعدة التجارية إذا توفرت شروط ذلك.
الفرع الثاني
جزاء تجاوز الولي حدود سلطته
لقد اشترطت المادة 88ق.أ على الولي (أن يتصرف في أموال القاصر تصرف الرجل الحريص) و إلا (يكون مسؤولا طبقا لمقتضيات القانون العام).
و عليه : إذا اشتهر عنه سوء التدبير و الإهمال الجسيم في رعاية أموال
القاصر المشمول بولايته، كأن يتصرف في الأموال المنقولة بغبن فاحش أو يهمل
في إدارة الأموال، كان للمحكمة أن تسلب ولايته أو تقرر الحد منها، لأن
الولاية منوطة بالمصلحة، فمتى انتفت وجب أن تزول.
فالمحكمة من حقها و من سلطتها أن تراقب تصرفات الولي في مال القاصر
المشمول بولايته و مدى ما يبذله من رعاية في إدارتها، و لها أن تقدر ما
إذا كان بقاؤها في يد الولي
يشكل خطرا على مصالح القاصر من عدمـــه(1).
إضافة إلى هذا، فإن المادة 88 كما رأينا سابقا اشترطت على الولي حصوله على
إذن من المحكمة قبل مباشرة أي تصرف من التصرفات الواردة بها، و عدم حصول
الولي على هذا
ـــــــــــــــــــــــــــ
(1)أنظر: معوض عبد التواب. المرجع السابق. ص 1503.
الإذن يجعل تصرفه غير نافذ في حق الصغير لانتفاء النيابة(1).و في هذا الصدد نجد قرارا للمحكمة العليا(2) مفاده :
(من المقرر قانونا أنه على الولي أن يستأذن القاضي المختص في إبرام كل عقد
إيجار يتعلق بأملاك القاصر، و من ثم فإن النعي على القرار المطعون فيه
الخطأ في تطبيق القانون غير مؤسس.
و لما كان الثابت –في قضية الحال- أن الطاعن تصرف بمحض إرادته في ملك
قاصرة ليس له عليها صفة ولي، فإن قضاة الموضوع بتحميلهم إياه المسؤولية
الناتجة عن تصرفه هذا قد طبقوا صحيح القانون. و متى كان الأمر كذلك استوجب
رفض الطعن).
ما نلاحظه في قانون الأسرة الجزائري، أنه لم يضع ميكانيزمات من خلالها
يمكن للقاضي معرفة مدى تصرف الولي تصرف الرجل الحريص حسب ما ورد في الفقرة
السالفة الذكر إلا إذا تم إخطاره بذلك، إلا أن المشرع المصري مثلا اشترط
على الولي أن يحرر قائمة بما يكون للقاصر من مال أو ما يؤول إليه، و أن
يودعها قلم كتاب المحكمة التي يقع بدائرتها موطنه في مدى شهرين من بدء
الولاية أو من أيلولة هذا المال إلى الصغير، و يجوز للمحكمة اعتبار عدم
تقديم هذه القائمة أو التأخير في تقديمها تعريضا لمال القاصر للخطر(3).
و تجدر الإشارة إلى أن النائب الشرعي للقاصر لا يشترط حصوله على الإذن إلا
في الحالات التي نص عليها القانون، أما ما عدا هذه التصرفات، أي الأعمال
التي تدخل في إطار التسيير الحسن لأموال القاصر فلا تشترط الإذن كاستخراج
أموال مودعة بالبنك مثلا.
ـــــــــــــــــــــــ
(1)نفس المرجع. ص 1491.
(2)قرار رقم 72353 بتاريخ 10/4/1991 –الغرفة الاجتماعية – المجلة القضائية العدد3 لسنة 1993.
(3)أنظر : معوض عبد التواب نفس المرجع. ص 1498.
و قد ورد في إحدى قرارات محكمة النقض الفرنسية أن : (الولي المكلف بتمثيل
القاصر في التصرفات المدنية و تسيير أمواله، له بصفة أساسية و بدون المساس
بالاستثناءات الواردة في نصوص خاصة السلطة لوحده و تحت مسؤوليته الشخصية
في مباشرة التصرفات الضرورية و المفيدة لهذا التسيير، و في غياب نصوص
مخالفة، فالولي له الصفة للقيام بسحب أموال موضوعة لدى صندوق التوفير دون
ضرورة حصوله على الإذن من مجلس العائلة)(1).
المبحث الثاني
دور القاضي من خلال الالتزامات المالية للأصول اتجاه الفروع القصّر
تطرقنا في المبحث الأول إلى جانب مهم من جوانب تدخل القاضي من أجل تفعيل
حماية أموال القصّر، و يتعلق الأمر كما رأينا في رقابة النائب الشرعي
للقاصر.
و سوف نتطرق في هذا المبحث إلى جانب آخر من المجالات التي يتدخل فيها
القاضي و التي تعد بدورها من مظاهر الحماية القانونية، و هي تتعلق
بالالتزامات المالية للأصول اتجاه الفروع القصّر التي فرضها القانون، و
جزاء المساس بالحقوق المالية للقاصر و كيفية تحرك آلة العقاب التي وضعها
القانون و التي يطبقها القاضي.
إذن من خلال هذا المبحث سوف نتطرق إلى نقطتين أساسيتين هما :
-الالتزامات المالية للأصول اتجاه الفروع القصّر (المطلب الأول).
-ثم إلقاء نظرة على الجرائم الماسة بالحقوق المالية للقصّر المنصوص عليها في قانون العقوبات (المطلب الثاني).
ــــــــــــــــــــــــ
(1)Civil-13 Mars 1905.
Voir : Henri Capitant, Les grands arrêts de la jurisprudence civile.
5éme édition . Entièrement refondue par : Alex Weill, François Terré.
Dalloz- Sirey. 1970
الالتزامات المالية للأصول اتجاه الفروع القصّر
إن علاقة الأبوة تفرض التزامات خاصة، يجب على الأب القيام بها اتجاه أبنائه.
فإلى جانب الالتزامات المعنوية اتجاه هؤلاء الفروع كالرعاية و الاهتمام من
كل الجوانـب والشعور بالحنان و الاستقرار، فإنه تقع على عاتقه التزامات
أخرى لها طابع مالي، و تتمثل في الالتزام بالنفقة و الإسكان. قال تعالى :
"و على المولــود له رزقهن و كسوتهن بالمعروف".
و بالرجوع إلى قانون الأسرة، نجد المادة 75 منه تنص :
(تجب نفقة الولد على الأب ما لم يكـــــن له مال، فبالنسبة للذكور إلى سن
الرشــــد و الإناث إلى الدخول، و تستمر في حالة ما إذا كان الولد عاجزا
لآفة عقلية أو بدنية أو مزاولا للدراسة و تسقط بالاستغناء عنها بالكسب).
و تنص المادة 76 : (في حالة عجز الأب تجب نفقة الأولاد على الأم إذا كانت قادرة على ذلك).
أما في حالة الطلاق بين الأب و الأم فتنص المادة 72 ق.أ : (نفقة المحضون و
سكناه من ماله إذا كان له مال، و إلا فعلى والده أن يهيأ له سكنا و إن
تعذر فعليه أجرته).
و الأولاد الواجب نفقتهم في رأي جمهور الفقهاء هم الأولاد مباشرة و أولاد
الأولاد أي الفروع و إن نزلوا، فعلى الجد نفقة أحفاده من أي جهة كانوا، و
رأى الإمام مالك أنه تجب نفقة الأولاد المباشرين فقط دون أولاد الأولاد(1).
و يشترط لوجوب نفقة الأولاد ما يلي :
ـــــــــــــــــــــــ
(1)للتفصيل أنظر : وهبة الزحيلي. المرجع السابق. ج7. ص 822.
أما في حالة الطلاق، فإن الأب يبقى مسؤولا شرعا و قانونا على نفقة أبناءه على النحو السالف الذكر.
و النفقة طبقا للمادة 78 من قانون الأسرة تشمل : الغذاء، الكسوة، العلاج،
و السكــن أو أجرته، و ما يعتبر من الضروريات في العرف و العادة.
و في حالة وقوع نزاع بخصوص مقدار النفقة فينبغي على القاضي عند تقديرها
مراعاة حال الطرفين و ظروف المعيشة، كما لا يجوز مراجعة التقدير قبل مضي
سنة واحدة من الحكم و هذا طبقا للمادة 79 من قانون الأسرة.
المطلب الثاني
الجرائم الماسة بالحقوق المالية للقصــر
بعدما تطرقنا في المطلب الأول من هذا المبحث إلى أنواع الالتزامات
المفروضة على الأصول اتجاه القصر ، سوف نتعرض فيما يلي إلى جانب آخر من
جوانب القانون، ألا وهو الجانب الجزائي . إذ أن المشرع لم يكتف فقط
بإقراره لمظاهر حماية أموال القصر مدنيا فقط كما رأينا فيما سبق سواء من
خلال أحكام القانون المدني أو قانون الأسرة ، إلا أنه أقر مظهرا آخر من
مظاهر الحماية يأخذ طابعا جزائيا وذلك بمعاقبته كل ما يمس بالحقوق المالية
للقاصر.
بتفحصنا لأحكام قانون العقوبات الجزائري، وجدنا جريمتين رئيسيتين لهما
علاقة بذلك وهما : استغلال حاجة قاصر ( الفرع الأول ) ، وعدم تسديد النفقة
باعتبار هذه الأخيرة من الحقوق المالية المستحقة للقاصر ( الفرع الثاني ) .
الفرع الأول
استغلال حاجة قاصـــــــر (1)
تنص المادة 380 من قانون العقوبات : ( كل من استغل حاجة لقاصر لم يكمل
التاسعة عشرة أو ميلا أو هوى أو عدم خبرة فيه ليختلس منه التزامات أو
إبراء منها أو أية تصرفات أخرى تشغل ذمته المالية وذلك إضرارا به يعاقب
بالحبس من ثلاثة أشهر إلى ثلاث سنوات وبغرامة من 500 إلى 10.000دج.
وتكون العقوبة الحبس من سنة إلى خمس سنوات والغرامة من 1000إلى 15.000 دج
إذا كان المجني عليه موضوعا تحت رعاية الجاني أو رقابته أو سلطته .
ـــــــــــــــــــــــــــ
(1)للتفصيل أنظر : د. أحسن بوسقيعة. الوجيز في القانون الجنائي الخاص. ج1.
الجرائم ضد الأشخاص و الجرائم ضد الأموال. دار هومة. طبعة 2002. ص 381 إلى
384.
وفي جميع الحالات المنصوص عليها في هذه المادة يجوز أن يحكم أيضا على
الجاني بالحرمان من حق أو أكثر من الحقوق الواردة في المادة 14 وبالمنع من
الإقامة وذلك لمدة سنة على الأقل وخمس سنوات على الأكثر ) .
والملاحظ أن المشرع وضع هذه المادة ضمن القسم المتعلق بخيانة الأمانة
باعتبار الجاني قد خان الثقة التي وضعت فيه ولم يكن أمينا على من أؤتمن
عليه .
فالقاصر بطبيعته ضعيف ، وهو ناقص الإدراك، لذلك فإن التصرفات القانونية
التي يقوم بها أولاها المشرع حماية خاصة من الجانب المدني كما رأينا سابقا
وهذا باختلاف سن القاصر وما إذا كان مميزا أو عديم التمييز، معدوم الأهلية
أو ناقصها، وكذلك أولاها المشرع بحماية جزائية تجعل من الشخص الذي يستغل
ضعف هذا القاصر واحتياجه يقع تحت طائلة هذه المادة ويخضع فعله للتجريم
والعقاب .
لكل جريمة ركن مادي، وركن معنوي :
أ – الركن المادي للجريمة :
فالمشرع لم يحصر التصرفات التي تشغل الذمة المالية للقاصر، بل وسع منها وجعلها شاملة، وبالتالي يدخل ضمنها البيع، الهبة، الإيجار…
وتجدر الملاحظة أن الجريمة تبقى قائمة حتى وإن كان بإمكان القاصر إبطال العقد .
ب- الركن المعنوي للجريمة (القصد الجنائي) :
و يتمثل في علم الجاني عند قصده للفعل بظروفه من أجل حصوله على فائدة غير
مشروعة، فيشترط إذن أن يكون عالما بتعامله مع شخص قاصر لم يبلغ سن الرشد،
إلا أن المشرع افترض أن يكون المتهم عالما بسن المجني عليه، و لا يسقط هذا
الفرض إلا في حالة إثباته سلوكه كل السبل لمعرفة السن الحقيقي للمجني عليه
إلا أنه و لأسباب استثنائية لم يتمكن من ذلك.
استغلال حاجة قاصر جنحة عاقب عليها المشرع طبقا للمادة 380 ق.ع بالحبس من 03 أشهر إلى 03 سنوات و غرامة من 500 إلى 10.000دج.
و تشدد العقوبة لتصل إلى الحبس من سنة إلى 05 سنوات و الغرامة من 1000 إلى
15.000دج إذا كان الجاني من الأشخاص الذين وضع المجني عليه تحت رعايته أو
رقابته أو سلطته.
إلى جانب ذلك، نص المشرع على عقوبات تكميلية يجوز الحكم بها، و هي الحرمان
من حق أو أكثر من الحقوق الواردة في المادة 14 ق.ع و بالمنع من الإقامة من
سنة على الأقل إلى 05 سنوات على الأكثر.
و ما دام المشرع لم ينص في المادة على الشروع في هذه الجريمة فلا عقاب على ذلك.
الفرع الثانـــي
عدم تسديــد النفقـــــة(1)
تعتبر النفقة من الحقوق المالية للقاصر خاصة، و قد أولاها المشرع بالعنايـــة، و جعل امتناع المكلف بدفعها يقع تحت طائلة العقاب.
فقد نصت المادة 331 ق.ع على هذه الجريمة، إذ جاء فيها : (يعاقب بالحبس من
06 أشهر إلى 03 سنوات و بغرامة من 500 إلى 5000 دج كل من امتنع عمدا و
لمدة تجاوز شهرين عن تقديم المبالغ المقررة قضاء لإعالة أسرته و عن آداء
كامل قيمة النفقة المقرر عليه إلى زوجه أو أصوله أو فروعه و ذلك رغم صدور
حكم ضده بإلزامه بدفع نفقة إليهم…).
و تتمثل في الركن المادي و الركن المعنوي :
أ-الركن المــــــادي :
تقوم هذه الجريمة على عنصرين أساسيين :
يشترط على المكلف بدفع النفقة دفعها كاملة غير منقوصة، فإذا أخل بهذا الالتزام قامــت الجريمة إذا توفرت باقي أركانها.
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1)للتفصيل أنظر : د. أحسن بوسقيعة. المرجع السابق. ص 155 إلى 166.
و لكن يشترط وجود حكم قضائي تم تبليغه إلى المدين و الذي يأمره بأداء
النفقة للمستفيد(1) (القاصر في بحثنا هذا)، و أن يكون الحكم نافذا، أي
استوفى طرق الطعن العادية و أمهر بالصيغة التنفيذية أو أمر القاضي
بالتنفيذ المعجل(2).
و تجدر الإشارة إلى أن النفقة واجبة الأداء إلى أن يصدر حكم يقضي بإلغائها ما لم يزل سببها ببلوغ الابن سن الرشد أو زواج البنت.
تشترط المادة 331 ق.ع امتناع المكلف بدفع النفقة بموجب حكم قضائي يلزمه
بذلك لمدة تجاوز شهرين يبدأ سريانها من تاريخ انتهاء مهلة التنفيذ
الاختياري المحددة بعشريـن
(20) يوما بعد إلزام المدين بالدفع.
ب- الركن المعنــــــــوي :
يتمثل في القصد الجنائي، أي الامتناع العمدي للمدين عن أداء النفقة مدة
تجاوز شهرين رغم تبليغه بالحكم الذي يلزمه بذلك و إلزامه بالدفع.
و سوء النية في هذه الجريمة مفترض، إذ تنص الفقرة 02 من المادة 331 : (و يفترض أن عدم الدفع عمدي ما لم يثبت العكس…).
و بالتالي فالنيابة غير ملزمة بإثبات سوء نية المتهم، بل على هذا الأخير إثبات عكس هذه القرينة، أي إثبات حين نيته.
و لا يوجد أي مبرر لعدم تسديد النفقة ما عدا حالة الإعسار المادي الكامل.
إلا أنه لا يعتد بهذا الإعسار إذا كان ناتجا عن سوء السلوك كصرف المدين
أمواله في ألعاب القمـــار و اليانصيب..، أو الكسل أوالسكر وهذا طبقا لما
نصت عليه الفقرة 02 من المادة 331 ق.ع.
ــــــــــــــــــــــــــ
(1)نقصد بذلك حكم صادر من المحكمة أو قرار من المجلس أو أمر استعجالي أو
حتى حكم أجنبي ممهور بالصيغة التنفيذية وفقا للقواعد المقررة في قانون
الإجراءات المدنية.(قرار للمحكمة العليا ملف 124384 في : 16/4/1994.
المجلة القضائية العدد 2 لسنة 1995. ص 192).
(2)مع الإشارة إلى أن المادة 40 من قانون الإجراءات المدنية تجعل التنفيذ المعجل وجوبي إذا تعلق الأمر بمسائل النفقـــــــة.
طبقا للمادة 331، فإن عدم تسديد النفقة جنحة معاقب عليها بالحبس من 06 أشهر إلى 03 سنوات و بالغرامة من 500 إلى 5000 دج.
علاوة على ذلك يجوز الحكم على المتهم كعقوبة تكميلية بالحرمان من الحقوق الوطنية من سنة إلى 05 سنوات (المادة 332 ق.ع).
و تجدر الملاحظة هنا أنه طبقا للفقرة 03 من المادة 331 ق.ع فإن المحكمة
المختصة هي محكمة موطن أو محل إقامة الشخص المقرر له قبض النفقة أو
المنتفع بالمعونة، و هذا طبعا كون النفقة مقررة لأشخاص عاجزين كالقصر
مثلا، و بالتالي من الشاق عليهم التنقل لجهات قضائية قد تكون بعيدة عن
سكناهم.
و بذلك نكون قد أعطينا لمحة موجزة عن أهم الجرائم التي وجدناها في قانون العقوبات و الماسة بالحقوق المالية للقصر.
منقول