بحث حول أداة جمع البيانات للبحث :
الأستبيان
يُعَرَّف الاستبيانُبأنَّه أداة لجمع البيانات المتعلِّقة بموضوع بحث محدَّد عن طريق استمارة يجري تعبئتها من قبل المستجيب، ويستخدم لجمع المعلومات بشأن معتقدات ورغبات المستجيبين، ولجمع حقائق هم على علمٍ بها؛ ولهذا يستخدم بشكلٍ رئيس في مجال الدراسات التي تهدف إلى استكشاف حقائق عن الممارسات الحاليَّة واستطلاعات الرأي العام وميول الأفراد، وإذا كان الأفرادُ الذين يرغب الباحث في الحصول على بيانات بشأنهم في أماكن متباعدة فإنَّ أداة الاستبيان تمكِّنه من الوصول إليهم جميعاً بوقت محدود وبتكاليف معقولة.
ومن الملاحظ أنَّ أداة الاستبيان منتشرة في الدراسات الابتكاريَّة والتطبيقيَّة، ، وذلك لأسباب منها:
1) أنَّها أفضل طريقة للحصول على معلومات وحقائق جديدة لا توفِّرها مصادر أخرى.
2) أنَّها تتميَّز بالسهولة والسرعة في توزيعها بالبريد على مساحة جغرافيَّة واسعة.
3) أنَّها توفِّر الوقت والتكاليف.
4) أنَّها تعطي للمستجيب حريَّة الإدلاء بأيَّة معلومات يريدها.
أنواع الاستبيان:
للاستبيان بحسب إجاباته المتوقِّفة على طبيعة أسئلة الاستبيان ثلاثةُ أنواع، هي:
1- الاستبيان المفتوح:وفيه فراغاتٌ يتركها الباحثُ ليدوِّن فيها المستجيبون إجاباتهم، وهذا النوع يتميَّز بأنَّه أداة لجمع حقائق وبيانات ومعلومات كثيرة غير متوفِّرة في مصادر أخرى، ولكنَّ الباحث يجد صعوبة في تلخيص وتنميط وتصنيف النتائج ؛ لتنوُّع الإجابات، ويجد إرهاقاً في تحليلها ويبذل وقتاً طويلاُ لذلك، كما أنَّ كثيراً من المستجيبين قد يغفلون عن ذكر بعض الحقائق في إجاباتهم بسبب أنَّ أحداً لم يذكِّرهم بها وليس لعدم رغبتهم بإعطائها.
2- الاستبيان المقفول:وفيه الإجابات تكون بنعم أو بلا، أو بوضع علامة صحٍّ أو خطأ، أو تكون باختيار إجابة واحدةمنإجابات متعدِّدة، وفي مثل هذا النوع ينصح الباحثون أن تكونَ هناك إجابةٌ أخرى مثل: غير ذلك، أو لا أعرف، وليحافظ الباحثُ على الموضوعيَّة يجب عليه أن يصوغ عبارات هذا النوع من الاستبيان بكلِّ دقَّة وعناية بحيث لا تتطلَّب الإجاباتُ تحفُّظات أو تحتمل استثناءات، ويتميَّز هذا النوع من الاستبيانات بسهولة تصنيف الإجابات ووضعها في قوائم أو جداول إحصائيَّة يسهل على الباحث تلخيصها وتصنيفها وتحليلها، ومن ميزاته أنَّه يحفز المستجيبَ على تعبئة الاستبانة لسهولة الإجابة عليها وعدم احتياجها إلى وقتٍ طويل أو جهدٍ شاق أو تفكيرٍ عميق بالمقارنة مع النوع السابق، ولهذا تكون نسبة إعادة الاستبانات في هذا النوع أكثر من نسبة إعادتها في النوع المفتوح.
3- الاستبيان المفتوح - المقفول:يحتوي هذا النوع على أسئلة النوعين السابقين، ولذلك فهو أكثرُ الأنواع شيوعاً، ففي كثير من الدراساتِ يجد الباحثُ ضرورةً أن تحتوي استبانته على أسئلة مفتوحة الإجابات وأخرى مقفلة الإجابات، ومن مزايا هذا النوع أنَّه يحاول تجنُّب عيوب النوعين السابقين وأن يستفيد من ميزاتهما.
مراحل جمع بيانات الدراسة بواسطة الاستبيان:
بعد تحديد مشكلة الدراسة وتحديد أهدافها وصياغة فروضها وأسئلتها عقب استطلاع الدراسات السابقة وما كُتب من موضوعات تتَّصل بها فيتبيَّن للباحث أنَّ الاستبيان هو الأداة الأنسب لجمع البيانات والمعلومات اللازمة فإنَّ عليه لاستخدام هذه الأداة اتِّباع الآتي:
1) تقسيم موضوع البحث إلى عناصره الأوليَّة وترتيبها في ضوء علاقاتها وارتباطاتها.
2) تحديد نوع البيانات والمعلومات المطلوبة لدراسة مشكلة البحث في ضوء أهداف البحث وفروضه وأسئلته، وهذه هي جوانبُ العلاقة بين مشكلة البحث واستبانـة البحث.
3) تحديد عيِّنة الدراسة بنوعها ونسبتها وأفرادها أو مفرداتها بحيث تمثِّل مجتمعَ البحث.
4) تحديد الأفراد المبحوثين لملء استبانة الدراسة وذلك في الدراسات التي تتناول الأفراد كدراسة دور معلِّمي الاجتماعيَّات في قيام المدرسة بوظيفتها في بيئتها الخارجيَّة، أو تحديد المتعاونين مع الباحث لملء استبانة دراسته وذلك في الدراسات التي تتناول مفردات مجتمع البحث كالمدارس في دراسة وظيفة المدرسة الثانويَّة في بيئتها الخارجيَّة وفي مجتمعها المحيط بها.
5) تصميم الاستبيان وصياغته بعد وضوح رؤية الباحث في ضوء الخطوات السابقة.
6) تحكيم استبانة الدراسة من قبل ذوي الخبرة في ذلك والمختصِّين بموضوع دراسته.
7) تجريب الاستبانة تجريباً تطبيقيّاً في مجتمع البحث لاستكشاف عيوبها أو قصورها.
صياغة استبانة الدراسة صياغة نهائيَّة وفق ملاحظات واقتراحات محكِّميها وفي ضوء تجربتها التطبيقيّةِ.
9) الالتقاء بالمتعاونين مع الباحث لشرح أسئلة استبانة الدراسة وإيضاح أهدافها ومناقشة ما يتوقَّع من عقباتٍ قد تعترض مهمَّة المتعاونين مع الباحث.
10) توزيع استبانة الدراسة وإدارة التوزيع، وذلك بتحديد أعداد النسخ اللازمة لتمثيل مجتمع البحث وبإضافة نسبة احتياطيَّة كعلاج للمفقود أو لغير المستردِّ منها، وبتحديد وسيلة توزيعها، وأساليب استعادتها والظروف المناسبة لتوزيعها، فيبتعد الباحث عن الأسابيع المزدحمة بالعمل للمبحوثين، وعن الفترات المزدحمة بالعمل في مفردات البحث كالمدارس.
11) اتِّخـاذ السبل المناسبة لحثِّ المبحوثين أو المتعاونين مع الباحث المتقاعسين عن ردِّ الاستبانة إلى الباحث، ويكون ذلك برسالةٍ رسميَّة أو شخصيَّة أو باتِّصال هاتفيٍّ، ويستحسن
تزويد أولئك بنسخٍ جديدة خشية أن يكون تأخُّر ردِّ النسخ التي لديهم لضياعها أو للرغبة في استبدالها لمن تعجَّل في الإجابة عليها واتَّضحت له أمورٌ مغايرة لإجابته قبل إرسالها.
12) مراجعة نسخ الاستبانة العائدة والتخطيط لتصنيف بياناتها وجدولتها وإعداد البرنامج الحاسوبيِّ الخاص بتفريغها.
13) المراجعة الميدانيَّة لعدد من نسخ الاستبانة بموجب عيِّنة مناسبة للتعرُّف على مدى صحَّة البيانات الواردة فيها.
14) تفريغ بيانات ومعلومات استبانة الدراسة وتبويبها وتصنيفها واستخراج جداولها ورسوماتها البيانيَّة وفق خطَّة الدراسة.
تصميم الاستبيان وصياغته:
ممَّا يجب على الباحث مراعاته عند ذلك الآتـي:
1) الإيجاز بقدر الإمكان.
2) حسن الصياغة ووضوح الأسلوب والترتيب وتخطيط الوقت.
3- استخدام المصطلحات الواضحة البسيطة، وشرح المصطلحات غير الواضحة.
4) إعطاء المبحوثُ مساحةً حرَّة في نهاية الاستبانة لكتابة ما يراه من إضافة أو تعليق.
5- حفز المبحوث أو المتعاون مع الباحث على الإجابة بأن تؤدِّي أسئلة الاستبانة إلى ذلك؛ بوجود أسئلة مقفلة وأخرى مفتوحة تتيح الفرصة لتحقيق الفقرة السابقة.
6) الابتعاد عن الأسئلة الإيحائيَّة الهادفة إلى إثبات صحَّة فرضيَّات دراسته.
7) صياغة بدائل الإجابات المقترحة صياغة واضحة لا تتطلَّب إلاَّ اختياراً واحداً.
تجنُّب الخلط بين إبداء الرأي وإعطاء الحقائق.
9) تجنُّب الأسئلة التي تستدعي تفكيراً عميقاً من المبحوثين أو المتعاونين مع الباحث.
10) البعد عن الأسئلة التي تتطلَّب معلومات وحقائق موجودة في مصادر أخرى؛ ممَّا يولِّد ضيقاً لدى المبحوث أو المتعاون مع الباحث.
11) تزويد الاستبانة بما يشرح أهداف الدراسة وقيمتها التطبيقيَّة بما يعود على الأفراد المبحوثين أو المجتمع المبحوث بالخير.
12) تزويد الاستبانة بتعليمات وبإرشادات عن كيفيَّة الإجابة، وحفز المبحوثين ليستجيبوا بكلِّ دقَّة وموضوعيَّة.
13) وعد المبحوثين بسريَّة إجاباتهم وأنَّها لن تستخدمَ إلاَّ لغرض البحث المشار إليه.
14) إشارة الباحث إلى رقم هاتفه لتسهيل استفسار المبحوثين أو المتعاونين إن لزم ذلك.
15) إيضاح أساليب إعادة نسخ الاستبانة وتسهيل ذلك ما أمكن.
16) احتواء الاستبيان على أسئلة مراجعة للتأكُّد من صدق البيانات وانتظامها.
17) احتواء الاستبيان في صفحته الأولى على ما يساعد في استخدامات الحاسوب.
مزايا وعيوب الاستبيان:
تعرَّضت أداة الاستبيان إلى نقد شديد من المهتمِّين بأساليب البحث العلميِّ، ومعظم انتقاداتهم تركَّزت على مدى دقَّة وصحَّة البيانات والمعلومات التي يجمعها الباحث بهذه الأداة، وبرغم ذلك فإلى جانب عيوب أداة الاستبيان فلها مزايا تجعلها من أهمِّ أدوات جمع البيانات وأكثرها شيوعاً.
مزايا الاستبيان:
1) تمكَّن أداة الاستبيان من حصول الباحثين على بيانات ومعلومات من وعن أفراد ومفردات يتباعدون وتتباعد جغرافيّاً بأقصر وقتٍ مقارنة مع الأدوات الأخرى.
2) يعدُّ الاستبيان من أقل أدوات جمع البيانات والمعلومات تكلفة سواءٌ أكان ذلك بالجهد المبذول من قبل الباحث أم كان ذلك بالمال المبذول لذلك.
3) تعدُّ البيانات والمعلومات التي تتوفَّر عن طريق أداة الاستبيان أكثر موضوعيَّة ممَّا يتوفَّر بالمقابلة أو بغيرها، بسبب أنَّ الاستبيان لا يشترط فيه أن يحملَ اسم المستجيب ممَّا يحفزه على إعطاء معلومات وبيانات موثوقـة.
4) توفِّر طبيعة الاستبيان للباحث ظروف التقنين أكثر ممَّا توفِّره له أدواتٌ أخرى، وذلك بالتقنين اللفظيِّ وترتيب الأسئلة وتسجيل الإجابات.
5) يوفِّر الاستبيان وقـتاً كافياً للمستجيب أو المتعاون مع الباحث للتفكير في إجاباته ممَّا يقلِّلُ من الضغط عليه ويدفعه إلى التدقيق فيما يدوِّنـه من بيانات ومعلومات
عيوب الاستبيان:
1) قد لا تعود إلى الباحث جميعُ نسخ استبيانه؛ ممَّا يقلِّل من تمثيل العيِّنة لمجتمع البحث.
2) قد يعطي المستجيبون أو يدوِّن المتعاونون مع الباحث إجابات غير صحيحة، وليس هناك من إمكانيَّة لتصحيح الفهم الخاطئ بسبب الصياغة أو غموض المصطلحات وتخصُّصها.
3) قد تكون الانفعالات من المعلومات المهمَّة في موضوع الدراسة، وبالاستبيان لا يتمكَّن الباحث من ملاحظة وتسجيل ردود فعل المستجيبين لفقدان الاتِّصال الشخصيِّ معهم.
4) لا يمكن استخدام الاستبيان في مجتمع لا يجيد معظمُ أفراده القراءة والكتابـة.
5) لا يمكن التوسُّع في أسئلة الاستبيان خوفاً من ملل المبحوث أو المتعاون مع الباحث حتى ولو احتاجت الدراسة إلى ذلك.
المراجع والمصادرللبحث
1-
إبراهيم، درويش مرعي، (1990م)، إعداد وكتابة البحث العلمي: البحوث ورسائل الماجستير والدكتوراه، مكتبة الفاروق الحديثة، القاهرة.
2-أبو سليمان، عبدالوهَّاب إبراهيم، ( 1400هـ)، كتابةُ البحث العلميِّ ومصادر الدراسات الإسلاميَّة، دار الشروق، جدَّة.
3- أبو سليمان، عبدالوهَّاب إبراهيم، (1993م)، كتابةُ البحث العلميِّ ومصادر الدراسات الفقهيَّة، دار الشروق، جدَّة.
4-بارسونز، س ج، (1996م)، فنُّ إعداد وكتابة البحوث والرسائل الجامعيَّة، ترجمة أحمد النكلاوي ومصري حنورة، مكتبة نهضة الشرق، القاهرة.
5- بدوي، عبدالرحمن، (1977م)، مناهجُ البحث العلميِّ، الطبعة الثالثة، وكالة المطبوعات، الكويت.
6- القاضي، يوسف مصطفى، (1404هـ)، مناهجُ البحوث وكتابتها، دار المريخ، الرياض.
7- Anderson , B. F. ,(1971), The Psychological Experiment, (2nd Ed.) Eelmont Calif. Boroks, Cole-Wards worth.