السنهوري
عدد المساهمات : 2141 نقاط : 6186 النخبة : 0 تاريخ التسجيل : 15/06/2011
| موضوع: كــتـــاب منهاج اهل السنة و الجماعة في الصحب و الآل الإثنين فبراير 06, 2012 10:34 am | |
| كــتـــابمنهـــاج أهل السنة والجماعـــةفي الصحب والآل إعداد منصور محمد فهد الشريدة1433هـ
المقدمة : الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد الأمين، وآله الطيبين الطاهرين، وصحابته الأنصار والمهاجرين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.أما بعد: فإن الكتابة في هذا الموضوع من دواعي الذب عن أهل بيت رسول الله، صلى الله عليه وسلم، الذين أذهب الله عنهم الرجس، وطهرهم تطهيراً، وعن الصحابة المأمونون الذين أثنى الله ورسوله عليهم ,وبيان عقيدة أهل السنة والجماعة فيهم، ونبرأ من طريقين ضالين: طريق الروافض الذين يسبون الصحابة ويغلون في آل البيت , ومن طريق النواصب الذين يبغضوم آل البيت.و لآل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم منزلة رفيعة، ودرجة عالية من الاحترام والتقدير عند أهل السنة والجماعة، حيث يرعون حقوق آل البيت التي شرعها لله لهم، فيحبونهم، ويتولونهم، ويحفظون فيهم وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم، التي رواها مسلم في صحيحه عن زيد بن أرقم رضي الله عنه أنه قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بغدير يدعى خماً بين مكة والمدينة فقال: { وأهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي }. قيل لزيد بن أرقم: [[ ومن أهل بيته؟ قال: الذين حرموا الصدقة: آل علي، وآل جعفر، وآل عقيل، وآل عباس. قيل لزيد: أكل هؤلاء أهل بيته؟ قال: نعم ]]([11]).وكما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، أن الله لما أنزل عليه قوله تعالى: (( إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ))[الأحزاب:56] سأل الصحابة رضي الله عنهم: كيف يصلون عليه؟ فقال: قولوا: { اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد}([12]).وروي أيضاً عن أم سلمة رضي الله عنها { أنه لما نزلت قوله تعالى: (( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا * وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا ))[الأحزاب:28-29] إلى قوله تعالى: (( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ))[الأحزاب:33]، أدار صلى الله عليه وسلم كساءه على علي وفاطمة والحسن والحسين رضي الله عنهم، فقال: اللهم هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا }([13]). و لصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم منزلة رفيعة، ودرجة عالية من الاحترام والتقدير عند أهل السنة والجماعة قال الطحاوي : "ونحب أصحاب رسول الله – صلى الله عليه وسلم ولا نفرط في حب أحد منهم ولا نتبرأ من أحدهم ، ونبغض من يبغضهم وبغير الحق يذكرهم ، ولا نذكرهم إلا بخير ،وحبهم دين وإيمان وإحسان ، وبغضهم كفر ونفاق وطغيان " وقال الإمام ابوعثمان الصابوني - رحمه الله - فمن أحبهم وتولاهم، ودعا لهم، ورعى حقهم، وعرف فضلهم فاز في الفائزين، ومن أبغضهم وسبهم، ونسبهم إلى ما تنسبهم الروافض والخوارج ـ لعنهم الله ـ فقد هلك في الهالكين. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تسبوا أصحابي، فمن سبهم فعليه لعنة الله " وقال: "من أحبهم فبحبي أحبهم، ومن أبغضهم فببغضي أبغضهم، ومن آذاهم فقد آذاني، ومن سبهم فعليه لعنة الله".وقال الإمام أبو عبد الله ابن أبي زمنين الأندلسي رحمه الله في ((أصول السُّنّة)): (ومن قول أهل السنّة أن يعتقد المرء المحبّة لأصحاب النبيّ صلى الله عليه وسلم, وأن ينشر محاسنهم, وفضائلهم, ويمسك عن الخوض فيما دار بينهم).ا دار بينهم).وكتب أهل السنة مملوء ببيان هذه العقيدة الصافية النقية في حق هؤلاء الصفوة المختارة من البشر لصحبة خير البشر صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهم أجمعين كتبه منصور بن محمد بن فهد آل شريدة القصيم - بريدة 23/1/ 1433هـ منهاج أهل السنة والجماعة في الصحب والآل تعريف (الصحابي) لغة:(صحب) بمعنى: عاشر، و(الصحبة) المعاشرة.ومادة (صحب): "أصل واحد، يدل على مقارنة شيء ومقاربته"([1]) قاله ابن فارس([2]).ويجمع لفظ(صاحب) على: (أصحاب، وأصاحيب، وصحب، وصحاب، وصحبة، وصحبان، وصَحابة ،وصِحابة).و(الصحابي) : يحتمل أن يكون منسوباً إلى لفظ (الصحابة) الذي هو مصدر فعل( صحب) و (صاحب) أيضاً، أو إلى جمع (الصاحب) الذي هو اسم فاعل من صحب يصحب([3]).تعريفه اصطلاحاً:هذه المسألة مسألة مهمة كثر فيها كلام العلماء وتباينت آراء النظار، وتنبع أهميتها مما يرتبط بها من مسائل كحفظ موفور منزلتهم، والحكم بعدالتهم، وقبول أخبارهم – ولو كانت مرسلة([4])- دون تكلف البحث عن أحوالهم، ولهذا فإنها تبحث في كتب مصطلح الحديث، وتراجم الصحابة، وأصول الفقه.وعليه فقد اختلف في تعريفه على مذاهب:المذهب الأول: أن الصحابي هو:"من لقي النبي r مؤمناً به ومات على الإسلام"([5])، وبتفصيل أكثر هو:" من لقي النبي r يقظة مؤمناً به بعد بعثته حال حياته ومات على الإيمان"([6]).وهذا مذهب جماهير المحدثين([7])، واختاره بعض الأصوليين([8]) وهو الراجح.قال الإمام أحمد:"كل من صحبه سنة أو شهراً أو يوماً أو ساعة أو رآه فهو من أصحابه، له من الصحبة على قدر ما صحبه"([9]).وقال البخاري :" من صحب النبيr أو رآه من المسلمين فهو من أصحابه"([10]).والدليل على صحة هذا المذهب من وجوه:1- أن (الصحبة) في اللغة لا قدر لها مخصوص باتفاق أئمة العربية([11])، فهي اسم جنس تطلق كثيراً في الشيئين إذا كان بينهما ملابسة، كثيرة كانت أو قليلة، حقيقية أو مجازية([12]).فمن ذلك قوله تعالى )ما ضل صاحبكم وما غوى( (النجم:2) وقوله )ما بصاحبكم من جنة( (سبأ: 46)، وقوله:) وما صاحبكم بمجنون( (التكوير: 22).فقد جعل الله نبيه r صاحباً لقومه، ومعلوم أن من قومه من لم يصحب النبيr إلا المدة اليسيرة.ومن ذلك قوله تعالى )وصاحبهما في الدنيا معروفاً( (لقمان: 15) وهذا الأمر شامل لكل مصاحبة ولو كانت قصيرة.ومن ذلك قوله تعالى )فأنجيناه وأصحاب السفينة( (العنكبوت: 15)، فسماهم (أصحاب السفينة) مع أنهم لم يجلسوا فيها مدة طويلة.ومن ذلك قوله تعالى )يوم يفر المرء من أخيه. وأمه وأبيه. وصاحبته وبنيه( (عبس: 34- 36) وهذا شامل لكل زوجة طالت مدة الزواج بها أو قصرت.2- "أنه لو حلف رجل على آخر بقوله : لا صحبتك، أو لا صحبتني في سفري، حنث بأيسر متابعة يتبعه فيها"([13]).3- "أنه لو قال قائل: صحبت فلاناً، فيصح أن يقال : (هل) صحبته ساعة أو يوماً أو أكثر من ذلك؟ وهل أخذت عنه العلم ورويت عنه أو لا؟ ولولا أن الصحبة شاملة لجميع هذه الصور ولم تكن مختصة بحالة منها لما احتيج إلى الاستفهام"([14]).المذهب الثاني: أن الصحابي هو :" من رأى النبي r واختص به اختصاص الصاحب بالمصحوب، وطالت مدة صحبته، وإن لم يرو عنه"([15]) وهذا قول جماعة من الأصوليين([16]) ونسبه بعضهم لجمهورهم([17]).قال الحكيم الترمذي([18]) عند كلامه على حديث :"أصحابي كالنجوم، بأيهم اقتديتم اهتديتم"([19]): وليس المراد به (أي : بالصحابي) من لقي رسول الله r أو بايعه أو رآه رؤية واحدة، وإنما أراد (يعني: النبي r) من لازمه غدوة وعشية، وكان يتلقى الوحي منه طرياً ويأخذ عنه الشريعة التي جعلت منهجاً للأمة، وينظر منه إلى آداب الإسلام وشمائله"([20]).إذن فهؤلاء اشترطوا طول صحبته للنبي r دون الرواية عنه.ومستندهم على ما اشترطوه في اللغة والعرف بحسب دعوى السمعاني حيث قال([21]):"اسم (الصحابي) من حيث اللغة والظاهر يقع على من طالت صحبته مع النبي r ، وكثرت مجالسته"([22])، بخلاف الرواية عنهr، فإن اشتراطها لتحقق مفهوم الصحبة بعيد لغة وعرفاً([23]).والقول باشتراط طول الملازمة ضعيف من وجوه:1- أنه خلاف إجماع أئمة اللغة.2- أن الرجوع إلى العرف في تقدير طول الصحبة وقصرها أمر غير منضبط، ولهذا وقع الخلاف فيه([24]).3- أنه يلزم على ما اشترطوه خروج بعض من روي عن النبي r ولم تطل صحبته له كمالك بن الحويرث رضي الله عنه([25]).المذهب الثالث: أن الصحابي هو:" من طالت صحبته للنبي r وأخذ عنه العلم"([26])، وهذا منسوب إلى الجاحظ([27]).وبناء عليه لابد من اجتماع وصفين فيمن يصح أن يطلق عليه اسم (صحابي) وهما:1- طول الصحبة للنبي r ، ومرجعها إلى العرف.2- الراوية عنه r، إذ من لوازم صحبته التحمل ولو لشيء من أفعاله التي شاهدها، ومن المعلوم أن المقصود الأعظم من الصحبة تبليغ الأحكام([28]).وهذا المذهب ضعيف من وجوه:1- أن اشتراط طول الصحبة مخالف لدلالة الكلمة لغة.2- أن الرجوع إلى العرف في تقدير الطول والقصر أمر غير منضبط كما سبق تقريره.3- أن العمل مستقر- وحكاه بعضهم إجماعاً- على عد:"كل من طالت صحبته للنبي r ولم يحدث عنه بشيء في الصحابة"([29])، ومن هؤلاء زياد بن حنظلة التميمي، فهو وإن ثبتت صحبته فإنه لا تعرف له رواية([30]).4- "إن اشتراط الرواية لتحقق مفهوم الصحبة بعيد لغة وعرفاً، فهما لا يفهمان الرواية، ولا يدلان عليه"([31]).المذهب الرابع: أن الصحابي هو :"من أقام مع النبي r سنة أو سنتين، وغزا معه غزوة أو غزوتين"([32]).وهذا أضيق المذاهب على الإطلاق، وهو مروي عن سعيد بن المسيب وإن كان لا يصح عنه على التحقيق([33])، وهو (أي : المذهب) راجع في حقيقته إلى اشتراط طول الصحبة والتي يظهر تأثيرها على المرء في أخلاقه وشمائله وغير ذلك([34]).وهذا المذهب ضعيف أيضاً لوجوه:1- أن اشتراط الطول في الصحبة مخالف لما عليه أئمة اللغة.2- أن في اشتراط السنة أو السنتين، والغزوة أو الغزوتين تحكماً بلا دليل، فضلاً عن أن (التأثير) و (التأثر) ليسا محدودين بوقت ما طال أم قصر.3- أنه لا يعرف قائل بهذا إلا ما يروى عن سعيد بن المسيب، ولا يثبت عنه.4- أنه يلزم من القول بهذا المذهب إخراج جملة وافرة ممن اتفق العلماء على عدهم في الصحابة، وهم خلق ممن أسلم سنة تسع وبعدها، كجرير بن عبدالله، ووائل بن حجر، ومعاوية بن الحكم.كما يلزم منه أيضاً إخراج كل من لم يجاهد معه r ولو عاش معه سنين طويلة كأصحاب الأعذار من الرجال، وكذلك النساء والصبيان المميزون.المذهب الخامس: أن الصحابي هو كل من أدرك زمنه r وهو مسلم، وإن لم يره، بل حتى لو ولد فيه([35]).وهذا أوسع المذاهب على الإطلاق، ولكنه ضعيف من وجهين:1- مخالفته لـ (الصحبة) من جهة دلالتها اللغوية والتي تفيد المعاشرة، ومباينته كذلك للوضع العرفي، فالناس لا يسمون من ولد في زمان إنسان آخر صاحباً له.2- مخالفته لقوله r :" يأتي زمان يغزو فئام من الناس فيقال:فيكم من صحب النبي r ؟ فيقال: نعم . فيفتح عليه.ثم يأتي زمان فيقال:فيكم من صحب أصحاب النبي r؟فيقال: نعم. فيفتح.ثم يأتي زمان فيقال:فيكم من صحب صاحب أصحاب النبي r؟فيقال: نعم . فيفتح"([36]).ووجه الدلالة من الحديث أن النبي r جعل رؤية وجهه الشريف منقبة للرائين يحصل بسببها الفتح ، ولا يلتحق بأصحابها فيها من لم يشاركهم في الرؤية، وعليه فلا تصح المساواة بين من رآه ومن لم يره، وجعلهما في منزلة واحدة.وأخيراً فإنه لا بد من التنبيه على أن ترجيح المذهب الأول لا يعني الاستواء المطلق للصحابة في ما أدركوه من فضل الصحبة، بل لكل واحد منه (أي: الفضل) بقدر صحبته كما نص عليه الإمام أحمد وغيره([37]).قال شيخ الإسلام ابن تيمية:"لما كان لفظ (الصحبة) فيه عموم وخصوص كان من اختص من الصحابة بما يتميز به عن غيره يوصف بتلك الصحبة دون من لم يشركه فيه"([38]).وقال ابن حجر([39]):"لا خفاء برجحان رتبة من لازمه r، وقاتل معه، أو قتل تحت رايته، على من لم يلازمه، أو لم يحضر معه مشهداً، وعلى من كلمه يسيراً، أو ما شاه قليلاً، أو رآه على بعد، أو في حال الطفولة، وإن كان شرف الصحبة حاصلاً للجميع"([40]).ولعل مما يزيد الأمر وضوحاً أنه حين سب خالد بن الوليد عبدالرحمن بن عوف نهاه r عن سب أصحابه – مع أنه من أصحابه أيضاً – بقوله:"لا تسبوا أصحابي فلو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهباً ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه"([41]).وذلك:"لأن عبدالرحمن بن عوف ونظراءه هم من السابقين الأولين، الذين صحبوه في وقت كان خالد وأمثاله يعادونه فيه، وأنفقوا أموالهم قبل الفتح وقاتلوا، وهم أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد الفتح وقاتلوا، وكلا وعد الله الحسنى، فقد انفردوا من (الصحبة) بما لم يشركهم فيه خالد، فنهى خالداً ونظراءه ممن أسلم بعد الفتح- الذي هو صلح الحديبية- وقاتل أن يسب أولئك الذين صحبوه قبله، ومن لم يصحبه قط نسبته إلى من صحبه كنسبة خالد إلى السابقين وأبعد"([42]).فضل (الصحابة) ، وعدالتهم، والواجب في حقهم صحبة النبي r من أعظم المزايا التي يفضل بها الإنسان غيره، إذ هي في جوهرها نوع من الاصطفاء الرباني، وما كان الله ليختار لصحبه نبيه الذي هو أشرف أنبيائه ورسله وأكرمهم عليه والمبعوث بأكمل دين إلا أزكى الناس، ولهذا كانوا أفضل قرون هذه الأمة بلا خلاف.ويكفي في الدلالة على فضلهم وعلو مكانتهم أن الله تعالى قد أثنى عليهم – وهو العليم ببواطنهم - ، ورضي عنهم – وهو الخبير بما سيصير إليه حالهم وما سيجري بينهم - ، ولا أحد أفضل ممن زكاه الله تعالى وعدله كما قال سبحانه : ) فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى( (النجم: 32).ومن أعظم الدلائل على شرف الصحبة ما ثبت عنه r من المزية العظيمة لمن رآه- وهو مؤمن به – مجرد رؤية فقط، فكيف بما فوق ذلك؟.قال الإمام أحمد :"فأدناهم صحبة أفضل من القرن الذين لم يروه r، ولو لقوا الله بجميع الأعمال"([43]).وقال شيخ الإسلام ابن تيمية :"من نظر في سيرة القوم بعلم وبصيرة، وما من الله عليهم من الفضائل، علم يقيناً أنهم خير الخلق بعد الأنبياء، لا كان ولا يكون مثلهم، وأنهم هم صفوة الصفوة من قرون هذه الأمة، التي هي خير الأمم وأكرمها على الله"([44]). ([1]) مقاييس اللغة (3/ 335).([2]) أحمد بن فارس بن زكريا الهمذاني: أبو الحسين الرازي، من كبار أئمة اللغة والأدب، مولده في همذان أو قزوين سنة 306هـ، كان بصيراً بمذهب مالك، متمكناً من علم الكلام، صنف من المختصرات ما لا يحصى، توفي سنة 395هـ. من آثاره: المجمل في اللغة، مقاييس اللغة، الصاحبي. انظر: التدوين في أخبار قزوين (2/215)، وفيات الأعيان (1/118)، سير أعلام النلاء (17/103)، البداية والنهاية (11/335).([3]) انظر: العين (3/124) ، المحكم والمحيط الأعظم (3/ 167)9، لسان العرب( 1/520)، القاموس المحيط (134).([4]) انظر: المنهل الروي (45)، مقدمة فتح الباري (1/350)، تدريب الراوي (1/ 207)، قواعد التحديث (143).([5]) نزهة النظر(28)، الإصابة في تمييز الصحابة (1/ 353)، قفو الأثر لرضي الدين الحلبي(1/89)، اليواقيت والدرر للمناوي (2/ 200)، وانظر للاستزادة: الإبهاج للسبكي (1/ 15)، تدريب الراوي (2/209).([6]) كتاب: صحابة رسول الله r في الكتاب والسنة (39). وانظر للاستزادة: الكفاية (50)، التقيد والإيضاح (295)، فتح المغيث (3/ 93).([7]) انظر: تحقيق منيف الرتبة (32)، إرشاد الفحول (129).([8]) انظر: بيان المختصر شرح مختصر ابن الحاجب (1/ 716).([9]) انظر: طبقات الحنابلة (1/ 243)، الكفاية (192)، التمهيد للكلوذاني (3/ 173)، فتح المغيث (3/ 93).([10]) صحيح البخاري (3/1335)([11]) انظر: الكفاية (51)، المنهل الروي (111)، التقييد والإيضاح (296)، فتح المغيث (3/93).([12]) انظر: الإحكام للآمدي(2/ 104)، مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية (4/464)، عمدة الحفاظ للسمين الحلبي (2/ 320)، العواصم والقواصم لابن الوزير (1/ 387).([13]) الواضح في أصول الفقه (5/ 61). وانظر أيضاً: الإحكام في أصول الأحكام للآمدي (2/104).([14]) الإحكام في أصول الأحكام للآمدي (2/104).([15]) المصدر السابق (2/ 104) ، المسودة (263).([16]) انظر: الإحكام للآمدي (2/ 104)، المسودة (263)، البحر المحيط في أصول الفقه (3/360)، تحقيق منيف الرتبة (33).([17]) انظر: كتاب التقرير والتحبير (15).([18]) محمد بن علي بن الحسين بن بشر الترمذي : أبو عبدالله المعروف (بالحكيم الترمذي)، محدث صوفي زاهد سمع الحديث الكثير بخراسان والعراق، نفي في آخر حياته من ترمذي وشهد عليه بالكفر بسبب تصنيفه كتاب "ختم الولاية" فاستقر في بلخ، توفي بعد سنة 285هـ، له : نوادر الأصول، حقائق التفسير ، رياضة النفس. انظر: تاريخ الإسلام (21/276)، سير أعلام النبلاء (13/ 439)، طبقات المفسرين للداودي (56)، الأعلام (6/272).([19]) خرجه ابن عبدالبر في جامع بيان العلم وفضله (2/ 91) من حديث جابر بن عبدالله، وعبد بن حميد في مسنده (250) من حديث ابن عمر بلفظ مقارب، وآخرون. والحديث لا يثبت من كل طرقه. انظر: خلاصة البدر المنير (2/431)، إعلام الموقعين (2/ 242)، تلخيص الحبير (4/ 191)، السلسة الضعيفة (1/ 144).([20]) نوادر الأصول في أحاديث الرسول (3/62).([21]) منصور بن محمد بن أحمد التميمي: أبو المظفر السمعاني (بفتح السين المشددة)، عالم متفنن كثير التصنيف، مولده بخراسان سنة 426هـ، وفيها نشأ وتفقه، كان والده من أئمة الحنفية، فدرس هذا المذهب وبرع فيه، ثم تحول فقلد الشافعي، توفي سنة 490هـ. من آثاره: الاصطلاح، الرد على ابن الراوندي، قواطع الأدلة. انظر: الأنساب (3/ 299)، سير أعلام النبلاء (19/114)، البداية والنهاية (12/ 153)، طبقات الشافعية الكبرى (5/335).([22]) قواطع الأدلة (392).([23]) انظر: العدة في أصول الفقه لأبي يعلى (3/ 989)، إجابة السائل شرح بغية الآمل للصنعاني (129).([24]) انظر: الإحكام لابن حزم (5/86)، البحر المحيط في أصول الفقه (3/ 360).([25]) انظر: إرشاد الفحول (129).([26]) الإحكام في أصول الأحكام للآمدي (2/ 1041)، وانظر: تدريب الراوي (2/216)، إرشاد الفحول (129)، الفصول اللؤلؤية (308).([27]) انظر: الواضح في أصول الفقه (5/ 60)، المسودة (263)، فتح المغيث (3/ 103)، منهج ذوي النظر (215). والجاحظ هو عمرو بن بحر بن محبوب الكناني: أبو عثمان البصري الشهير بـ (الجاحظ)، أديب من متكلمي المعتزلة، مولده سنة 163هـ، أخذ الاعتزال عن النظام، وإليه تنسب إحدى فرقهم وتعرف بـ (الجاحظية)، وكانت له اليد الطولى في كثرة التأليف. له: البيان والتبيين، الحيوان، البخلاء. توفي بالبصرة سنة 255هـ. انظر: تاريخ بغداد (12/212)، المنتظم (12/ 93)، تاريخ مدينة دمشق (45/ 431)، سير أعلام النبلاء (11/ 526).([28]) انظر: تحقيق منيف الرتبة (33)، غاية الوصول (104).([29]) انظر: تحقيق منيف الرتبة (33).([30]) انظر: الاستيعاب (2/ 531).([31]) فواتح الرحموت (2/ 158).([32]) الكفاية في علم الرواية (50)،المنهل الروي(111)،تدريب الراوي(2/211)،إرشاد الفحول (129).([33]) ضعفه غير واحد بـ (محمد بن عمر الواقدي). انظر مثلاً: التقييد والإيضاح (297)، فتح المغيث (3/102).([34]) انظر: تدريب الراوي (2/ 211).([35]) انظر: تحقيق منيف الرتبة (35)، فتح المغيث (3/ 103)، تدريب الراوي (2/212، الشذا الفياح (2/ 495).([36]) خرجه البخاري في صحيحه من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، كتاب: الجهاد والسير، باب : من استعان بالضعفاء والصالحين في الحرب برقم (2740)، ومسلم في كتاب : فضائل الصحابة رضي الله عنهم، باب : فضل الصحابة ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم برقم ( 2532).([37]) انظر: الكفاية (192)، طبقات الحنابلة (1/ 243)، التمهيد للكلوذاني (3/ 173)، مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية (4/ 464).([38]) مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية (35/ 59).([39]) أحمد بن علي بن محمد بن محمد الكناني: أبو الفضل العسقلاني المعروف بـ (ابن حجر)- وهو لقب لبعض آبائه – حافظ شافعي المذهب ، اشتهر بالتحقيق في علم الحديث وسعة اطلاعه فيه، مولده في القاهرة سنة 773هـ، وقد رزقت تصنايفه القبول، تولى القضاء مرات، وتوفي سنة 852هـ له : فتح الباري، الإصابة، الدرر الكامنة. انظر: الضوء اللامع (2/36)، شذرات الذهب (7/ 270)، طبقات المفسرين للداودي (329)، الأعلام (1/178).([40]) شرح نخبة الفكر (29).([41]) خرجه البخاري في صحيحه من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، كتاب : فضائل الصحابة، باب : قول النبي r :"لو كنت متخذاً خليلاً" برقم (3470)، ومسلم في صحيحه، كتاب: فضائل الصحابة، باب : تحريم سب الصحابة رضي الله عنهم برقم (4541).([42]) الصارم المسلول (3/1077).([43]) شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة(1/160)، طبقات الحنابلة (1/243)، مقتل الشهيد عثمان (175).([44]) مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية (3/ 156). المصدر:http://www.saaid.net/book/open.php?cat=94&book=9235 | |
|
السنهوري
عدد المساهمات : 2141 نقاط : 6186 النخبة : 0 تاريخ التسجيل : 15/06/2011
| |
السنهوري
عدد المساهمات : 2141 نقاط : 6186 النخبة : 0 تاريخ التسجيل : 15/06/2011
| |
السنهوري
عدد المساهمات : 2141 نقاط : 6186 النخبة : 0 تاريخ التسجيل : 15/06/2011
| موضوع: رد: كــتـــاب منهاج اهل السنة و الجماعة في الصحب و الآل الإثنين فبراير 06, 2012 10:38 am | |
| فعلم أن المقصود أنه من أتباعه([1]).والجواب عن ذلك أن يقال: إن الشارع ربما توسع في مفهوم (أهل البيت) متجاوزاً بذلك حدود القرابة النسبية ومدخلاً فيه بعض الأجانب من جهة الدم، تشبيهاً لهم بـ (أهل البيت) في العلم أو الصلاح، لا لدخولهم حقيقة في مفهومه([2]).ويدل على ذلك أن الصداقة – مثلاً – لا تحرم على واثلة بن الأسقع بالاتفاق.القول الخامس: أنهم (الأتقياء من أمة النبي r)([3])، وقد حمل بعض العلماء الإطلاق في القول الرابع على هذا([4]).وعلى كل فقد استدل على هذا القول بما يلي:1-ما ورد عن أنس رضي الله عنه أنه قال:"سئل رسول اللهr: من (آل محمدٍ) ([5])؟والجواب عن هذا يقال: إن الحديث مما لا تقوم به حجة([6]).2-أن الله تعالى أمر نوحاً عليه السلام بـ (حمل أهله) في قوله: )احمل فيها من كل زوجين اثنين وأهلك( [هود: 40]، فلما غرق ابنه قال:) رب إن أبني من أهلي وإن وعدك الحق وأنت أحكم الحاكمين( [هود: 45]، فنفى الله أن يكون كذلك )إنه ليس من أهلك( [هود: 46].ووجه الدلالة أن الله تعالى نفى أن يكون ابن نوح داخلاً في جملة أهله مع كونه من صلبه وذلك بسبب شركه، فدل على أن (آل الرسول) في الحقيقة هم أتباعه([7]).والجواب عن ذلك أن يقال: إن الله تعالى لم ينف عن ابن نوح أن يكون داخلاً في مفهوم (الأهل) بالكلية، بل بمعنى خاص دل عليه الاستثناء في قوله: )وأهلك إلا من سبق عليه القول( [هود: 40]، حيث أمره بأن يحمل من أهله من لم يسبق عليه القول من أهل المعاصي([8])، وعليه فإن المنفي في الآية هو كونه من (الأهل) الذين أمر بحملهم ووعد بنجاتهم.3-حديث واثلة بن الأسقع المتقدم.ووجه الدلالة منه أن تخصيص واثلة به لصلاحه وتقاه أولى من التعميم على سائر الأمة ببرها وفاجرها([9]).وقد سبق الجواب عنه فلا حاجة لتكراره([10]).والراجح – والله أعلم- أن (الآل) هم الذين حرمت عليهم الصدقة، ومن جملتهم (أزواج) النبي r على الصحيح أيضاً، وقد ذكر بعض أهل العلم تعليلاً لطيفاً لدخول أزواجه في مفهوم (الآل) وهو أنه لما كان اتصالهن به اتصالاً تاماً في الدارين إذ هن نساؤه فيهما، سواء في حياته أو بعد مماته قام هذا الاتصال الذي لا يرتفع مقام النسب الذي لا يزول تشبيهاً له به([11]).وبهذا الاختيار الذي هو مجموع القولين الثاني والثالث يلتئم شمل نصوص المسألة كلها([12])، وعليه فلا ينكر مجيء لفظ (الآل) في بعض النصوص والمقصود به بعضهم فقط، وذلك من باب إطلاق الكل وإرادة الجزء.مكانة (الآل) عند أهل السنة والجماعة:يرتبط (الآل) بالنبي r ارتباطاً وثيقاً من جهة اللحمة التي تجمع بينهم فهو منهم وهم منه، ومن ثم كان لهم من الحقوق ما لا يشاركهم فيها غيرهم، إذ إن حقهم متعلق بحقه بل هو جزء لا يتجزأ منه، وقد جاءت نصوص كثيرة- عامة وخاصة – في تأكيد هذا المعنى، تارة بالثناء عليهم وبيان فضلهم، وتارة بالوصية بهم والحث على القيام بواجبهم.فعن زيد بن أرقم رضي الله عنه أنه قال: قام رسول الله r يوماً فينا خطيباً، بماء يدعى (خما) بين مكة والمدينة، فحمد الله وأثنى عليه، ووعظ وذكر ، ثم قال:"أما بعد ألا أيها الناس فإنما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربي فأجيب، وأنا تارك لكم ثقلين، أولهما: كتاب الله، فيه الهدى والنور، فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به، فحث على كتاب الله ورغب فيه، ثم قال: وأهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي! أذكركم الله في أهل بيتي!" ([13]).فالواجب على كل مسلم أن يرقب عهد النبي r في أهل بيته الطيبين، ليس في حياته فحسب بل حتى بعد مماته، كما قال أبو بكر رضي الله عنه: "ارقبوا محمداً r في أهل بيته"([14]).غير أن هذه الولاية خاصة بـ (مؤمني الآل)، وأما سواهم وإن كانوا من ذوي النسب الشريف فليس لهم منها شيء مثلما لم يكن لأبي لهب([15]) حرمة مع أنه عم النبيr، ويكفي في ذلك أن الله تعالى أنزل فيه قرآناً يتلى إلى يوم القيامة، بل "ليس في القرآن ذم من كفر به r باسمه إلا هذا وامرأته"([16])، ومن أين له بالحرمة إذا كانت مستمدة في جوهرها من حرمة النبيr وهو كافر به ومكذب له؟!وعلى ضوء الوصية النبوية بـ (أهل البيت) كانت محبتهم – عند أهل السنة والجماعة – فرضاً واجباً يؤجر عليه العبد([17])، بل لا يتم إيمان الرجل ولا يكمل إلا به كما قال النبي r لعمه العباس – وقد اشتكى إليه ما يراه بنو عبدالمطلب من جفاء بعض القرشيين لهم- ""والله لا يدخل قلب امرئ إيمان حتى يحبكم لله ولقرابتي"([18]).ووجوب محبتهم من وجوه:1- إسلامهم.2- قرابتهم للنبي r .3- حث النبي r على حبهم وترغيبه فيه([19]).ولا ريب بأن الوصية النبوية تقتضي المبالغة في أكرامهم بتقديمهم وتوقيرهم والبر بهم والإحسان إليهم وحسن مداراتهم واحتمالهم والتجاوز عنهم والدعاء لهم([20]).وقد حرص الصحابة الكرام على امتثالها فكان أبو بكر وعمر يعرفان لعلي فضله، "وما زالا مكرمين له غاية الإكرام بكل طريق، مقدمين له... في المرتبة والحرمة والمحبة والمولاة والثناء والتعظيم"([21]).ولم يكن هذا الحب والإكرام مقصوراً على علي فقط بل تجاوزه ليصل إلى كل (الآل)، فقد كان الصديق يقول:" والذي نفسي بيده لقرابة رسول الله r أحب إلي أن أصل من قرابتي"([22]).وكان الفاروق "يقدمهم في العطاء على جميع الناس، ويفضلهم في العطاء على جميع الناس"([23])، و"ألحق الحسن والحسين بفريضة أبيهما لقرابتهما من رسول اللهr، لكل واحدٍ خمسة آلاف"([24]).وقال للحسين:"هل أنبت على رؤوسنا الشعر إلا الله ثم أنتم؟!"([25]).وأمهر أم كلثوم بنت علي([26]) "أربعين ألفاً إعظاماً وإكراماً"([27]).وإذا كان هذا الشرف ثابتاً لجميع (آل بيت النبوة) فهذا لا يعني تساويهم في الفضل، فإن أفضلهم في الجملة من أدركوا النبيr، إذ يكون الواحد منهم قد جمع بذلك بين وصفين عظيمين هما ( الصحبة والقرابة) ولكل منهما فصله الخاص، ولا نزاع بين أهل السنة في أن علي بن أبي طالب هو أفضل (الآل) بعد رسول اللهr([28]).ثم إن دائرة الولاية الثابتة لـ (الآل) تتسع وتضيق بحسب طاعتهم لله ورسوله([29])، فكلما كان اتباع الواحد منهم أكمل كانت ولايته أتم، ثم تنقص شيئاً فشيئاً بقدر انحرافه عن الجادة وركوبه متن المعاصي وتلبسه بالبدع، إذ: "الأنساب لا عبرة بها، بل صاحب الشرف يكون ذمه على تخلفه عن الواجب أعظم"([30]).وقد بين هذا المعنى الحسن بن الحسن([31]) حينما قال لرجل ممن يغلو فيهم:"ويحكم! أحبونا لله، فإن أطعنا الله فأحبونا، وإن عصينا الله فأبغضونا!قال: فقال له رجل: إنكم قرابة رسول الله وأهل بيته!فقال: ويحك ! لو كان الله مانعاً بقرابة من رسول الله أحداً بغير طاعة الله فأبغضونا!قال: فقال له رجل: إنكم قرابة رسول الله وأهل بيته!فقال: ويحك! لو كان الله مانعاً بقرابة من رسول الله أحداً بغير طاعة الله لنفع بذلك من هو أقرب إليه منا أبا وأماً"([32]).والقاعدة العامة في هذا الباب أنه :"إذا أجتمع في الرجل الواحد خير وشر وفجور، وطاعة ومعصية، وسنة وبدعة استحق من الموالاة والثواب بقدر ما فيه من الخير، واستحق من المعاداة والعقاب بحسب ما فيه من الشر"([33]).وإذا كان النسب الشريف لا يمنع من إقامة الحدود الشرعية على مستحقيها بإجماع المسلمين([34]) فكذلك ما لهم من ولاية، وأي ولاية – مثلاً- لعلوي([35]) ما إن استولى على المدينة حتى شرب الخمر علانية في مسجد النبي r، وفسق فيه بقينة([36]) ليست له، وقتل أهل المدينة بالسيف وبالتجويع، ولم يصل طول مدته فيها جمعة ولا جماعة([37])؟!ولقد أحسن من قال:لعمرك ما الإنسان إلا ابن دينه فلا تترك التقوى اتكالاً على النسبفقد رفع الإسلام سلمان فارس وقد هجن الشرك الشريف أبا لهب([38])ومما يجب أن يعلم أن أهل السنة والجماعة حين يقررون فضل (الآل) ومزيتهم لا يعنون بذلك تفضيلهم المطلق على سائر الأمة وفي كل الأحوال، بل قد يفضلهم غيرهم باعتبارات أخرى كما قال تبارك وتعالى: )إن أكرمكم عند الله ( [الحجرات: 13]، وقال r: "من بطأ به عمله لم يسرع به نسبه"([39]).وقد أشار ألإمام ابن تيمية إلى أن :"تفضيل الجملة على الجملة لا يستلزم أن يكون كل فرد أفضل من كل فرد"([40])، وأنه:"إنما يفضل الإنسان بإيمانه وتقواه لا بآبائه ولو كانوا من بني هاشم"([41]) لأن:"القرابة الدينية أعظم من القرابة الطينية"([42])، ونبه على أن أهل السنة:"يعظمون بالتقوى لا بمجرد النسب"([43]).وما أدق نظر أبي بكر ابن عياش([44]) حين قال:"لو أتاني أبو بكر وعمر وعلي رضي الله عنهم في حاجة لبدأت بحاجة علي قبل حاجة أبي بكر وعمر لقرابته من رسول الله، ولأن أخر من السماء إلى الأرض أحب إلي من أن أقدمه عليهما"([45]).ومذهب أهل السنة تولي جميع (الآل) من أقارب وزوجات بلا غلو في أحد منهم، ولا تقصير في حقه، وقد اختاروا بذلك طريق العدل والإنصاف فوقفوا بين الغلاة الذين يدعون لبعضهم علم الغيب والعصمة من الذنوب، وبين الجفاة الذين يؤذون أهل البيت بقول أو عمل، فهم وسط بين طرفي نقيض.كما يعتقدون فيهم أنهم غير معصومين من الوقوع في الآثام وارتكاب الخطايا، وليسوا في مأمن من العقوبة سواء في الدنيا أو في الآخرة، وحين يقال: إن من حقوقهم التجاوز عن مسيئهم فالمراد في غير الحدود الشرعية.ومما يدل على ذلك قول الله تعالى مخاطباً أمهات المؤمنين :)من يأت منكن بفاحشة مبينة يضاعف لها العذاب ضعفين( [الأحزاب: 30]، وقوله : )وأنذر عشيرتك الأقربين( [الشعراء: 214]، وقوله r: "يا فاطمة بنت محمد سليني ما شئت من مالي لا أغني عنك من الله شيئاً"([46])، وقوله:"والذي نفس محمد بيده لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها!" ([47]).قال الشوكاني([48]): "أما القول برفع العقوبات عن عصاتهم وأنهم لا يخاطبون بما اقترفوه من المآثم ولا يطالبون بما جنوه من العظائم فهذه مقالة بطالة ليس عليها أثارة([49]) من العلم، ولم يصح في ذلك عن الله ولا عن رسوله r حرف واحد"([50]). فهرس الموضوعات المقدمة : 1منهاج أهل السنة والجماعة 4في الصحب والآل. 4تعريف (الصحابي) لغة: 4تعريفه اصطلاحاً: 5فضل (الصحابة) ، وعدالتهم، والواجب في حقهم 16عدالة الصحابة: 20آل البيت ومكانتهم عند أهل السنة والجماعة 32فهرس الموضوعات.. 58 ([1]) انظر: جلاء الأفهام (221). ([2]) انظر: المصدر السابق (223).([3]) انظر: جلاء الأفهام (222)، القول البديع (194).([4]) انظر: القول البديع (194).([5]) خرجه الطبراني في المعجم الكبير من حديث أنس رضي الله عنه برقم (318).([6]) حكم عليه ابن تيمية في مجموع فتاواه (22/ 462) بأنه "موضوع لا أصل له"، وضعفه الهيثمي في مجمع الزوائد (10/ 269)، ووهاه جداً ابن حجر في فتح الباري (11/161)، والسخاوي في القول البديع (194).([7]) انظر: جلاء الأفهام (221).([8]) انظر: السنن الكبرى للبيهقي (2/151)، المجموع شرح المهذب (3/430)، لسان العرب (11/38)، جلاء الأفهام (223).([9]) انظر: المجموع شرح المهذب (3/432)، جلاء الأفهام (223).([10]) انظر: ص48) من هذا المبحث .([11]) انظر: سنن البيهقي الكبرى (2/ 150)، شعب الإيمان (2/ 225)، جلاء الأفهام (217).([12]) انظر: مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية (4/20) و (22/461)، منهاج السنة النبوية (7/75)، تفسير القرآن العظيم (3/ 484).([13]) سبق تخريجه ص (45).([14]) خرجه البخاري في صحيحه، كتاب: فضائل الصحابة، باب: مناقب قرابة رسول اللهr، ومنقبة فاطمة عليها السلام بنت النبي r برقم (3509).([15]) عبدالعزي بن عبدالمطلب بن هاشم القرشي: أبو عتبة، عم النبيr، وقد كناه أبوه عبدالمطلب بـ (أبي لهب) من حسنة وكان من أجمل الناس، حارب النبي وقاوم دعوته ونفر الناس عنه، وفيه أنزل الله تعالى سورة المسد، توفي بمكة بعد غزوة بدر بسبعة أيام ميتة شنيعة بداء يسمى العدسة. انظر: تاريخ مدينة دمشق (67/ 161)، تهذيب الأسماء واللغات (2/543)، الأعلام (4/12).([16]) مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية (16/602).([17]) انظر: المصدر السابق (4/487).([18]) خرجه الإمام أحمد في مسنده برقم (1777)، والبزار في مسنده برقم (2175). والحديث ضعفه شعيب الأنؤوط في تخريجه للمسند.([19]) انظر: التنبيهات اللطيفة للسعدي (94).([20]) انظر: كتاب الشريعة (832)، مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية (3/154).([21]) منهاج السنة النبوية (6/178) باختصار. ([22]) خرجه البخاري في كتاب : فضائل الصحابة، باب : مناقب قرابة رسول اللهr، ومنقبة فاطمة عليها السلام بنت النبي r برقم (3508).([23]) منهاج السنة النبوية (6/33). ([24]) سير أعلام النبلاء (3/285).([25]) معرفة الثقات (1/ 301)، سير أعلام النبلاء (3/ 285). وقال الذهبي :"إسناده صحيح".([26]) أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب بن عبدالمطلب الهاشمية: أمها فاطمة بنت النبيr، مولدها في حدود سنة ست من الهجرة، رأت النبي r ولم ترو عنه شيئاً، تزوجها عمر بن الخطاب وهي صغيرة فأولدها زيداً، وقد ماتت في أوائل أيام معاوية رضي الله عنه. انظر: سير أعلام النبلاء (3/ 500)، رواة الآثار (211). ([27]) تفسير القرآن العظيم (3/ 257). وانظر أيضاً: الكامل في ضعفاء الرجال (4/186)، تاريخ مدينة دمشق (8/116)، سير أعلام النبلاء (3/501).([28]) انظر: منهاج السنة النبوية (7/241، 242).([29]) انظر: تفسير القرآن العظيم لابن كثير (4/114).([30]) مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية (16/602).([31]) الحسن بن الحسن بن علي الهاشمي: أبو محمد العلوي الفاطمي. قال عنه الحافظ ابن حجر: "صدوق"، لم أقف على سنة وفاته فيما بين يدي من المصادر. انظر: الطبقات الكبرى (5/319)، التاريخ الكبير (2/289)، الجرح والتعديل (3/5)، تقريب التهذيب (159).([32]) الطبقات الكبرى (5/ 319).([33]) مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية (28/ 209).([34]) انظر: منهاج السنة النبوية (4/ 586).([35]) العلوي: تستخدم هذه النسبة لمن ينسب إلى من اسمه (علي)، وقد عرف بذلك أربعة أشخاص منهم علي بن أبي طالب. انظر: الأنساب (4/ 229)، والمراد- هنا- من كان من نسله رضي الله عنه.([36]) القينة: لفظ يطلق على الأمة المغنية لأن الغناء أكثر ما يكون في الإماء، وقيل: كل أمة مغنية كانت أو غي مغنية . انظر: الفائق (1/61)، لسان العرب (13/351)، القاموس المحيط 01582).([37]) انظر: جمهرة أنساب العرب (39).([38]) تاريخ دمشق (21/ 426).([39]) خرجه مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، كتاب : الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب: فضل الاجتماع على تلاوة القرآن وعلى الذكر، برقم (2699).([40]) مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية (19/ 29). وانظر: منهاج السنة النبوية (7/240).([41]) الفتاوى الكبرى (4/353).([42]) منهاج السنة النبوية (7/ 78).([43]) المصدر السابق (4/ 376).([44]) شعبة بن عياش بن سالم الأسدي مولاهم: أبو بكر الكوفي، مقرئ فقيه محدث، مولده سنة 95هـ قرأ القرآن على عاصم وجوده، قال عنه ابن المبارك: "ما رأيت أحداً أسرع إلى السنة من أبي بكر بن عياش"، وقال أحمد:"ثقة ربما غلط" ، توفي سنة 193هـ، وقد خرج حديثه البخاري، ومسلم في مقدمته، والأربعة. انظر: تاريخ بغداد (14/ 371)، تهذيب التهذيب (12/ 37)، سير أعلام النبلاء (8/495)، تهذيب الكمال (33/129).([45]) تاريخ بغداد (14/ 376)، تاريخ مدينة دمشق (30/ 395)، فتح المغيث (3/128).([46]) خرجه البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، كتاب : الوصايا، باب: هل يدخل النساء والود في الأقارب؟ برقم (2602)، ومسلم في كتاب: الإيمان، باب : في قوله تعالى )وأنذر عشيرتك الأقربين( [الشعراء : 214] برقم (206). واللفظ للبخاري.([47]) خرجه البخاري في صحيحه من حديث عائشة رضي الله عنها، كتاب: الحدود، باب: كراهية الشفاعة في الحد إذا رفع إلى السلطان برقم (6406)، ومسلم في كتاب: الحدود، باب : قطع السارق الشريف وغيره، والنهي عن الشفاعة في الحدود برقم (1688).([48]) محمد بن علي بن محمد بن عبدالله الشوكاني: فقيه أصولي مجتهد، يعد من كبار علماء اليمن ومصلحيهم، مولده بهجرة (شوكان) من بلاد خولان باليمن سنة 1173هـ، ونشأته بصنعاء، وقد تولى قضاءها سنة 1229هـ إلى وفاته سنة 1250هـ، ومن آرائه تحريم التقليد، له 114 مؤلفاً، منها: نيل الأوطار ، فتح القدير، البدر الطالع. انظر: الأعلام للزركلي (6/298)، معجم المؤلفين (11/53).([49]) آثاره من علم : بقية منه. مختار الصحاح (2).([50]) إرشاد السائل إلى دليل المسائل (80) مطبوع ضمن الرسائل السلفية. المصدرhttp://www.saaid.net/book/open.php?cat=94&book=9235 | |
|