اجتهاد المحكمة العليا بخصوص الوصية
--------------------------------------------------------------------------------
الموضوع :
وصية- إعـتبارها صحيحة و نافذة- عـدم وجـودإعـتراض- إجازتها- خطـافي تطبيق القانون.
المبـدأ: إن القرار المطعون فيه لما قرر عـدم وجود مايثبت إعـتراض الوارث على الوصية أثناء حياته و بالتالي فان إجازته للوصية تصبح نافذة يكون قد بنى هـذه الإجازة على وجـودالإفتراض والظـن مخالفا بذلك أحكام المادة 185 من قانون الأسرة التي تجعل من الوصيةالتي توصي بأكثر من الثلث متوقفة على إجازة الورثة للإبتعاد عن أدنى شـك.
إن المحكمة العليـا
في جلستها العلنية المنعقدة بها بشارع 11ديسمبر 1960 ببن عكنون الأبيار محافظـة الجزائر الكبرى.
بعد المداولة القانونية أصدرت القرار الآتي نصـه:
و بناء على المواد (231. 233. 235. 239. 244. 257) و ما يليها من قانون الإجراءات المدنية.
بعد الإطلاع على مجموعة أوراق ملف الدعـوى وعلى عريضـة الطعن بالنقض المودعة يوم 20 نوفمبر 1999 و على مذكرة الرد التي تقدم بها محامي المطعون ضدهـم.
و بعد الإستماع إلى السيد زيتوني محمد المستشارالمقرر في تلاوة تقريره المكتوب وإلى السيد لعمارة محمد الطاهر المحامي العام في تقديم طلباته المكتوبة.
حيث طعنت المسميتان (ب – ر) موظفة و م.ح أرملة(ب – ن ) بدون مهنة في حقها وحق أبنائها القصر وهـم (أ. س. م. ك) بواسطة محاميها الأستاذالسعيد سمادحي المقيم بالجزائر العاصمة و المعتمد لدى المحكمة العليا بتاريخ 20/11/99 ضد القرار الصادر بتاريخ 07/03/99 عن مجلس قضاء الجزائر العاصمة الفاصل في المواد المدنية و ذلك في الخصومة التي جرى مختصر وقائعها و إجراءاتها التالية:
إنه بتاريخ 03/02/88 أقامت الطاعـنة(ب –ر) والمرحوم(ب – س )والمرحومة(ل–ب)أرملة(ب – ع) دعـوى أمام محكمة بئر مراد رايس ضـد المطعون ضدها (ب – ر)وذلك من اجل فسخ الوصـية التي أوصت بها المرحومة (ب – ز) لصالح المطعون ضـدها (المدعي عليهاأمام المحكمة) و قد ردت المطعون ضـدها(ب.ر) كونهاإستفادت من هـبة بموجـب عقد رسمي مؤرخ في 28/06/1981 من لدن عمتها المرحومة (ب – ز)، و كون المدعين ليست لهم صفة و لذا طالبت ((المطعون ضدها)) برفض دعواهم مع المطالبة بتعويضها عن هذه الدعوى التعسفية.
وعلى إثر ذلك أصـدرت المحكمة حكمها بتاريخ 30/06/88 برفض الدعوى لعدم التأسيس.
هذا الحكم كان موضوع الإستئناف بتاريخ 06/05/98 من قبل الطاعنة (ب – ر) و الطاعنة أرملة (ب – ن) في حقها و حق أبنائها القصر.
و بعد أن تبادل الطرفان النقاش أصـدر المجلس قراره القاضي بقبول إستئناف(ب–ر) وعدم قبول إستئناف(م- ح)(أرملة ب–ن) و في الموضوع تأييد الحكم المستأنف مبدئيا مع تعديله بالقضاء بصحة الوصية المحررة بتاريخ 28/06/81 بعقد توثيقي لإجازتها من الوارث الشرعي الوحيد للموصية (ب – ز) و رفض المستأنفة لفقدانها الصفة القانونية طبقا للمادة 495 من قانون الإجراءات المدنية و كذلك رفض طلبات المستأنف عليها المتعلقة بالتعويض.
هذا القرار هو موضوع الطعن بالنقض الحالي و السالف الإشارة إليه أعلاه.
وبعد الإطلاع على عريضةالطعن بالنقض و على أوراق ملفه وعلى جـواب المطعون ضـدها(ط - م) المولودة(ب - ر) بواسطـةمحاميها الأستاذ مخلوفي بوعلام المقيم بتيزي وزو المعتمد لدى المحكمة العليا و لان المطعون ضدها كانت ترمي بردها هذا إلى رفض الطعن بالنقض الحالي.
و حيث أن النيابة العامة قدمت مذكرة تلتمس فيها نقض القرار.
و حيث أن الطعن بالنقض هذا قد استوفى أوضاعه الشكلية.
و حيث الطاعنين بنيا طعنهما على الوجهين التاليين:
أولا: الوجه المأخوذ من الخطأ في تطبيق أحكام المادة 185 من قانون الأسرة.
و تؤسس الطاعنتان هذاالوجه بتعييبهما على القرار المطعون فيه بقولهما أن المرحومة (ب – ز) أوصت بعقد توثيقي بتاريخ 28/06/1981 لجميع ممتلكاتها لصالح إبنة أخيها (ر) (المطعون ضدها) دون علم أخيها (ع) الوارث الوحيد و بعد وفاة الموصاة عام 1984 ثم وريثها(ب – ع) 1985 وإثر افتتاح تركتهماإكتشف ورثتهما الوصية موضوع النزاع هذا وأن هؤلاء الورثة لهم الصفة للتعرض على هذه الوصية المجحفة لحقوقهم و التي حررت بحرقها لأحكام المادة 185 من قانون الأسرة الذي يجعل الوصية في حدود ثلث (3/1) التركة و ما زاد على الثلث تتوقف على إجازة الورثة الصريحة، و أن الوارث الوحيد المرحوم (ب – ع) لم يجر ذلك و ما دام أن القرار المطعون فيه هذا قضى بصحة الوصية في جميع مقتضياتها فإن قضاته أخطأوا في تطبيق أحكام المادة 185 من قانون الأسرة، و لم يسببوا قانونا قرارهم.
ثانيا: الوجه المأخوذ من مخالفة و خرق المادة 459 من ق إ م.
وتؤسس الطاعنتان هذا الوجه بانتقادهما للقرار المطعون فيه بقولهما أن السيدة(م– ح) وأبنائها يرثون شرعا مخلفات المرحومة (ل – ب) أرملة (ب – ع)، بحكم أن (ب–ن)الذي هو زوج (م – ح) و أب لأبنائها القصر و في نفس الوقت هو ابن المرحومة (ل – ب) و بوفاة هذه الأخيرة و وفاة (ب – ن) يجعل من زوجة الأخيرة هذا (الطاعنة الثانية) في النقض لها صفة التقاضي.
مما يجعل من القرار المنتقد الذي قضى بعدم قبوله إستئنافهاشكلا قد خرق مقتضيات المادة 459 من قانون الإجراءات المدنية.
الـرد
فعن الوجه الأول المثار
حيث بالرجوع إلى القرار المطعون فيه نجد أن قضاة المجلس انتهوا إلى اعتبار الوصية صحيحة و نافذة و أن الموصى لها تستفيد بكامل تركة عمتهاوليس بالثلث3/1) فقط أن مورث الطاعنين الذي هو أب الموصى لها و أخ الموصية و الوارث الوحيد لها و الذي توفي بعدها بسنة واحدة لم يعترض على هذه الوصية و اعتبر قضاة المجلس أن عدم الاعتراض على ذلك إجازة لهذه الوصية دون أن يوضحوا فيما إذا تم حصر تركة الموصية و علم الوارث بهذه الوصية، و ما هي المواقف التي تظهر، أن هذا الوارث قد أجاز هذه الوصية.
و اكتفى قضاة المجلس بالقول أن عدم وجود ما بثبت بملف القضية اعتراض الوارث على الوصية أثناء قيد حياته، فان إجازته للوصية تصبح نافذة و بالتالي بنى قضاة المجلس هذه الإجازة على الافتراض و الظن و بذلك ابتعدوا عن مفهوم أحكام المادة 185 من قانون الأسرة التي تجعل من الوصية التي توصي بأكثر من ثلث (3/1) التركة تتوقف على إجازة الوارث و بالتالي فان هـذه الإجازة يجـب ألا يساورها أدنى شك.
و هنا يكون قضاة المجلس قد اخطاوا في تطبيق أحكام القانون و متى كان ذلك إستوجب نقض القرار المطعون فيه.
فلهـذه الأسـباب :
قررت المحكمة العليـا
قبول الطعن شكلا .
نقض و إبطال القرار المطعون فيه الصادر عن مجلس قضاء الجزائر بتاريخ 07/03/1999 بين الطرفين.
و إحالة القضية إلى نفس المجلس مكونا من هيئة أخرى للفصل فيها من جديد طبقا للقانون.
مع إلزام المطعون ضدهم بالمصاريف القضائية.
بذا صدر القرار و وقع التصريح به في الجلسة العلنية المنعقدة بتاريخ الرابع عشر من شهر مارس سنة ألفين و واحد ميلادية من قبل المحكمة العليا الغرفة المدنية المتركبة من السادة :
منقول